هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء

هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء؟

هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء؟

 العرب اليوم -

هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء

بقلم - عمرو الشوبكي

أثار قرار الرئيس الفلسطيني اختيار حكومة خبراء جديدة يرأسها خبير مالي واقتصادي هو محمد مصطفي، عاصفة من الجدل والاعتراضات؛ بخاصة من حركة «حماس»، ودخل في أعقابها كل من حركتي «فتح» و«حماس» في سجال «غير حميد» وبيانات متعارضة.

والحقيقة مطلوب مناقشة مسألة وجود وزارة ووزراء في الأراضي الفلسطينية بصورة تتجاوز سجال «فتح» و«حماس» لتقول: نعم تحتاج الدولة الفلسطينية الواعدة -مثل أي دولة- لوزراء ورئيس ومحافظين، ولكن يحتاج الوصول إليها إلى منظمة تحرير جديدة وليس حكومة سياسيين أو تكنوقراط، فالأراضي الفلسطينية التي تأسست عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة عقب اتفاق أوسلو لم تخرج عن طوع الاحتلال، ولم تستطع التخلص من قيوده، وظلت هذه السلطة تدير أراضي إما محتلة وإما شبه محتلة وإما محاصرة، ومع ذلك أصبح لديها رئيس للدولة (غير الموجودة) ووزراء ورئيس وزارة، وهي كلها مناصب شكلية لم تعكس معاني حقيقية على الأرض، فلا وزارة الخارجية هي وزارة في دولة ذات سيادة لها تأثير يذكر على الساحة الدولية مرتبط باسمها، ولا أي وزارة أخرى يستطيع أن يتحرك وزيرها من منطقة إلى أخرى من دون موافقة سلطة الاحتلال، وأصبحت هناك أسماء «لكيانات» غير موجودة فعلياً على الأرض.

ليس مطلوباً تفكيك الحكومة ولا السلطة لصالح الفراغ، إنما البحث عن منظومة جديدة تتجاوز مفهوم السلطة والوزارة التي يبدو أنها لم تعد قادرة على تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني في الوقت الحالي.

صحيح أن السلطة تأسست عقب اتفاق أوسلو الذي فتح الباب لقيام دولة فلسطينية، استدعي معها قيام السلطة، قبل أن تقضي عليها إسرائيل بمضاعفة أعداد المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية، وحصار غزة وتحويلها إلى سجن كبير.

لقد اتضح عقب 30 عاماً من اتفاق أوسلو أن هياكل السلطة باتت مشلولة، بفعل الاحتلال أولاً، وأخطاء في أدائها ثانياً، مع التمسك بفكرة أن هناك وزراء لديهم جهاز إداري وأمني فيه مديرون وموظفون وترقيات، وله ميزانية، ويسيطر على مبانٍ وبضع شوارع محيطة، في الوقت الذي تدار فيه المعارك الحقيقية في جنين وكثير من مدن الضفة أو في غزة وهم غير مؤثرين فيها، أو في التظاهرات المدنية والشعبية التي تجري في فلسطين التاريخية (الشيخ جراح مثلاً) أو في الضفة الغربية، ولم تكن تحتاج لوزراء يدعمونها أو يدافعوا عنها، وكانت المنظمات المدنية والحقوقية وأصوات الضمير في العالم هي داعمهم الأول.

الرهان على دور للسلطة في أراضٍ فلسطينية محتلة يحتاج إلى مراجعة؛ ليس بغرض الشطب والإلغاء أو لعب لعبة الفصائل في «خناقات» بين «فتح» و«حماس»، إنما لكون تاريخ النضال الفلسطيني هو بالأساس فيه استجابة جديدة لتحديات كل مرحلة، فـ«منظمة التحرير الفلسطينية» التي تأسست بقرار من القمة العربية التي عقدت في القاهرة عام 1964 وتبنت الكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين، والرد على جرائم الاحتلال، أو لفت انتباه العالم للقضية الفلسطينية كما قال قادة المنظمة وقتها، غيَّرت من برنامجها وتوجهاتها تبعاً للتحولات السياسية.

لقد ضمت المنظمة كفاءات وقادة وسياسيين كباراً في تاريخ الكفاح الفلسطيني، مثل: فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية الأسبق للمنظمة، كما ضمت مفاوضين كباراً، منهم من تفاوضوا سراً مع إسرائيل، مثل أحمد قريع، ومنهم من تفاوضوا علناً، مثل حيدر عبد الشافي، ولم يحملوا جميعاً لقب وزير، ولم يكن هناك وقتها رئيس أو حكومة، إنما كفاءات امتلكت حضوراً كبيراً على المستوى العربي والدولي، من دون حاجة للافتة بيروقراطية.

وقد غيرت المنظمة من برنامجها مع تغير الظروف السياسية، وقبلت في 1974 بإنشاء دولة ديمقراطية «مؤقتة» على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عقب حرب 1967، وفي عام 1988 تبنت حل الدولتين، واعترف ياسر عرفات في 1993 رسمياً بإسرائيل، وفي الوقت نفسه اعترف إسحاق رابين بـ«منظمة التحرير الفلسطينية» ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، ودخل الجانبان في مفاوضات أدت إلى اتفاق أوسلو الذي كان يفترض أن يفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة، أجهضتها إسرائيل بسياستها الاستيطانية، وبجرائمها التي ارتكبتها بحق الجميع في الضفة الغربية وقطاع غزة.

يقيناً، التحول الذي أحدثته المنظمة في خطابها وبرنامجها منذ نصف قرن كان مطلوباً، حتى لو عدَّته فصائل أخرى -مثل «الجبهة الشعبية» و«حماس»- تنازلاً، رغم أن الأخيرة استفادت من اتفاق أوسلو، وضاعفت قوتها التنظيمية في الأراضي الفلسطينية، حتى حققت أغلبية في انتخابات 2006، ولولا «أوسلو» التي هاجمتها لما حققت هذه النتائج.

والحقيقة أن التحول في تاريخ نضال أي حركة تحرر وطني أمر مشروع، وانتقال المنظمة في لحظة تاريخية من النضال المسلح إلى السلمي كان له مكاسب، وكان مطلوباً أن تؤسس سلطة فلسطينية على الأراضي المحررة؛ لأنها كان يفترض أن تؤدي بعد 5 سنوات إلى دولة فلسطينية، فكانت السلطة وحكومتها ورئيسها تلبية لتحدي بناء الدولة.

أما الآن، وبعد أن اقتطعت دولة الاحتلال أغلب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وبعد أن مارست إبادة جماعية في غزة، وبعد فشل اتفاق أوسلو، فإن منظومة السلطة تحتاج إلى مراجعة؛ لأنها لم تعد قادرة على تلبية الاحتياجات الفلسطينية في الوقت الحالي. كما أن عودة المنظمة للقيادة بعد تجديدها، وضم قيادات وكفاءات جديدة من خارج بيروقراطية السلطة، ربما يكونا استجابة صحيحة للتحديات الوجودية التي تشهدها القضية الفلسطينية حالياً.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab