بقلم : عمرو الشوبكي
أخيرًا جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل بعد 15 شهرًا من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، ويُفترض أن يوقف هذا الاتفاق نزيف الدم وجرائم الإبادة الجماعية التى ارتُكبت فى حق الشعب الفلسطينى، ولكنه سيظل مليئًا بالمخاطر، وخاصة عقب مرحلتيه الثانية والثالثة. وقد تضمن الاتفاق 3 مراحل، تستمر مرحلتها الأولى 34 يومًا، ومن المتوقع خلالها إطلاق سراح 33 أسيرًا إسرائيليًّا من أصل 98، أحياء وأمواتًا، بمَن فيهم النساء وكبار السن والمرضى، من غير الجنود. على أن ينسحب الجيش الإسرائيلى من معظم المناطق الخاضعة لسيطرته فى غزة. وحسب الاتفاق، فإن عملية إطلاق سراح أول دفعة من الأسرى الإسرائيليين ضمن المرحلة الأولى ستتم فى اليوم السابع من وقف إطلاق النار. كذلك سيُفرج مقابل كل مجندة إسرائيلية عن 50 معتقلًا فلسطينيًّا، منهم 30 محكومًا عليهم بالسجن المؤبد، و20 محكومًا عليهم بالسجن لفترات طويلة. ومقابل كل إسرائيلى امرأة أو مُسِنّ، سيُطلق سراح 30 معتقلًا فلسطينيًّا من فئات مختلفة، بما فى ذلك القاصرون والمرضى والنساء.
أما المرحلة الثانية فيُفترض أن تنجز صفقة شاملة لجميع الأسرى فى غزة وإطلاق سراح مَن تبقى من الشباب والجنود. أما المرحلة الثالثة والأخيرة، فتخص الترتيبات طويلة الأمد وإدارة القطاع فى «اليوم التالى»، كما تشمل خطط إعادة إعمار القطاع.
واللافت أن الاتفاق الحالى لم يختلف فى جوهره عما كان مطروحًا فى الأشهر الستة الماضية ورفضته إسرائيل، وأن تأثير ترامب كان كبيرًا ودفع الجانبين إلى التوقيع على الاتفاق.
تبقى مشكلة الاتفاق فى أعقاب مرحلته الثانية، أى عقب إفراج حماس عن كل الأسرى الإسرائيليين، وهل ستحترم دولة الاحتلال وقف إطلاق النار أم ستعود إلى ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية مرة أخرى فى غزة، خاصة أنه لا توجد ضمانات أمريكية واضحة بمنع تكرارها.
مشروع نتنياهو وخطابه المعلن يرفض حل الدولتين، ويعتبر أن اتفاق أوسلو، الذى مثل اتفاق السلام الوحيد بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، هو سبب عملية 7 أكتوبر، كما أعلن رفضه عودة السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة، واعتبر أن فتح وحماس وجهان لعملة واحدة وأنه يرفض حكم «فتحستان» و«حمستان»، معتبرهما وجهين للتطرف والإرهاب، فى حين أن العالم والأمم المتحدة والشعب الفلسطينى يرغبون أن يكون هذا الاتفاق طريقًا ليس فقط لوقف مجازر غزة، إنما بداية لاستعادة حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وبناء دولته المستقلة.
يقينًا أن هذا الاتفاق فتح الباب أمام وقف عمليات قتل الشعب الفلسطينى، ولهذا السبب يجب دعمه وقبوله، ولكن تبقى مشكلته فى غياب ضمانة قاطعة تَحُول دون عودة إسرائيل إلى تكرار جرائمها مرة أخرى بعد استعادة أسراها، فقد أثبتت الشهور الماضية أننا أمام دولة استثناء فوق القانون والشرعية الدولية، وترتكب كل الجرائم دون أى حساب.