بقلم - عمرو الشوبكي
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى، نتنياهو، فى اتصال هاتفى أمس الأول مع الرئيس الأمريكى بايدن، «أن النصر بات فى متناول اليد»، وأنه سيقضى على حماس كليًا وسيهاجم رفح بعد أن يضمن حماية المدنيين.
والواضح أن نتنياهو قرر استكمال حرب الإبادة الجماعية فى غزة واستهداف المدنيين الفلسطينيين تحت حجة القضاء على حماس، فى حين ظلت الإدارة الأمريكية على موقفها من رفض عملية رفح العسكرية وضرورة حماية المدنيين دون أن تقدم على خطوة عملية واحدة تضغط بها على إسرائيل، سواء بوقف شحنات السلاح المقدمة لها أو وقف الدعم المادى السخى الذى تقدمه يوميا لاقتصادها.
والحقيقة أن نتنياهو يتصرف كأن ليس فى غزة شعب يجب الحفاظ عليه أو ممثلون له يجب التفاوض معهم، فقد تمسك بحق إسرائيل فى حرية العمل العسكرى والأمنى فى جميع مناطق القطاع، وأنها ستقيم حزامًا أمنيًا على طول حدوده مع فلسطين التاريخية، بالتعاون مع مصر ومساعدة واشنطن، كما ستقوم إسرائيل بنزع السلاح من قطاع غزة، باستثناء ما هو مطلوب لحفظ الأمن العام، وأكد موقفه السابق الذى كرره مرات كثيرة، وهو أنه سيعمل على إيجاد أشخاص محليين يكونون بديلا لكل من السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وهو موقف فشل فى تحقيقه على مستوى توزيع المساعدات، فقد رفضت العائلات والعشائر الفلسطينية أن تتعاون مع الاحتلال فى توزيع المساعدات الإنسانية، فما بالنا فى إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
السلطة الفلسطينية، من ناحيتها، تحركت واختارت خبيرا ماليا واقتصاديا رئيسا لحكومة تكنوقراط مؤقتة، لكنها خطوة لم توافق عليها حماس وانتقدتها علنيا، وبات مطروحا سؤال: من سيمثل أهل عزة: هل حماس مرة أخرى أم السلطة الفلسطينية أم بديل ثالث؟.
من الواضح أن حماس لن تستطيع تمثيل غزة فى أى مفاوضات سابقة أو تالية للحرب، كما أن السلطة تعانى من ضعف وأزمة شرعية كبيرة وتحتاج لإصلاحات جراحية أوسع وأعمق من عملية اختيار حكومة تكنوقراط جديدة.
ستبقى مشكلة حماس الأساسية أن قادة جناحها السياسى غير قادرين على قيادة التواصل الدقيق مع جناحها العسكرى ولا مع العالم الخارجى، على عكس تجارب التحرر الوطنى التى كان لقادتها السياسيين حضور فى كل دول العالم من منظمة التحرير الفلسطينية مرورا بجبهة التحرير الجزائرية، وانتهاء بالمؤتمر الوطنى الإفريقى، ومثلوا غطاء شرعيا للجناح العسكرية، وحاولوا قدر الإمكان أن يؤثروا فى الرأى العام العالمى ويدافعوا عن قضايا شعوبهم، وهو بلا شك غير متاح لحركة حماس لأسباب تتعلق ببنيتها العقائدية والأيديولوجية واستهداف إسرائيل لها. على غزة أن تختار من يمثلها من خبراء وفنيين وسياسيين بالتفاهم مع حماس ودون أن يكونوا جزءا من تنظيمها، وأن يعدوا أنفسهم لكى يكونوا قادة تيار جديد داخل منظمة التحرير الفلسطينية