حتى «ويكيليكس» زوّروها

حتى «ويكيليكس» زوّروها

حتى «ويكيليكس» زوّروها

 العرب اليوم -

حتى «ويكيليكس» زوّروها

بقلم : عمرو الشوبكي

اعتدنا فى مصر أن نرى أخباراً مُجهّلة وأخرى مفبركة، تروجها مواقع وهمية وأخرى مشبوهة، ومع ذلك ظلت هناك مؤسسات كبيرة تختلف مع خطها التحريرى، ولكن لا تختلف على قيمتها وتاريخها، وعلى رأسها مؤسسة الأهرام، التى أشرف بالعمل فيها منذ أكثر من 20 عاما.

لذا كانت صدمة الكثيرين كبيرة حين ظهر خبر فى صدر الصفحة الخامسة من جريدة الأهرام يوم الثلاثاء قبل الماضى (25 مايو) يحمل عنوان: «ويكيليكس تكشف عن منظمات وشخصيات مصرية تلقت تمويلاً أمريكياً»، لم يكتب على هذا الخبر اسم المحرر (الذى يُفترض أنه كتب الخبر) فى سابقة غير متكررة، خاصة أنه يحمل اتهاما صريحا بالمعنى الجنائى والأخلاقى لمجموعة من السياسيين والشخصيات العامة.

سيثير فى ذهن من يقرأ هذا الخبر أن هناك سبقا صحفيا فريدا، وأن هناك وثائق جديدة سربها موقع «ويكيليكس» الشهير، خاصة أن هذا الخبر المختلق سبق أن نشرته مواقع مشبوهة كثيرا، ولم أفكر ومعى الكثيرون فى التعليق عليه.

وقد نقل هذا الخبر عن الأهرام (بكل أسف) بعض الصحف المهمة كالوفد واليوم السابع جنبا إلى جنب (وبغير آسفٍ) مع كثير من المواقع المشبوهة التى اعتادت فبركة هذه النوعية من الأخبار، وصار السؤال الذى غاب أو غُيّب: «هل هناك فعلا أى إشارة فى موقع (ويكيليكس) وكل ما سرب عنه من أوراق و(وثائق) تشير إلى تمويل أمريكى من أى نوع لهذه الشخصيات مثلما جاء فى عنوان الخبر؟»، الحقيقة أنه لا يوجد فقرة ولا سطر ولا كلمة ولا حرف واحد فى كل وثائق ويكيليكس عن تمويل أجنبى أو أمريكى من أى نوع لكل الأسماء الـ25 التى جاءت فى الخبر دون استثناء، وأن كل من جاء اسمه فى هذا الخبر المشبوه لم يشر موقع «ويكيليكس» بأى صورة من الصور إلى أنهم تلقوا تمويلا من أى نوع، وهى أسماء مثل حسام عيسى، نائب رئيس وزراء مصر الأسبق، والفقيه الدستورى، والسياسى الناصرى المعروف بمواقفه الوطنية الصادقة، والدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية المرموق، والمعارض الوطنى، ود. أسامة الغزالى حرب، الكاتب بالأهرام، ورئيس تحرير السياسة الدولية الأسبق، والمستشار المحترم هشام البسطويسى، والناشر والخبير الإعلامى هشام قاسم، وكاتب هذه السطور، وآخرين، وحتى أسماء بعض الحقوقيين مثل حافظ أبوسعدة وناصر أمين وغيرهما الذين تضمنهم الخبر، لم يذكر موقع «ويكيليكس» حرفا واحدا عن أنهم تلقوا تمويلا أجنبيا من أى نوع (www.wikileaks.com).

والسؤال: من هو صاحب المصلحة فى تعميم خبر مفبرك من هذا النوع؟ وكيف يقبل صحفى بضمير مهنى وأخلاقى أن ينشر خلسة خبرا يحمل عنوانا تخوينيا صادما بهذا الشكل؟ ولصالح من؟ هل هى جهة أمنية تقف وراء نشره، بما يعنى أنها تركت عملها الأصلى فى جمع معلومات عن كل المحرضين والإرهابيين وتركت مصائب البلد لتتفرغ لاتهامات من هذا النوع؟!

وبمجرد نشر الخبر، فقد اتصلت بالصديق الأستاذ أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام، وأخبرته باستيائى من نشر هذا الخبر، وأبدى الرجل رفضه التام لما جاء فيه وقال أعلم حقيقته، ثم تكلمت ثانيا مع الزميل الأستاذ عزت إبراهيم أحد كبار الصحفيين فى الأهرام (والمؤمنين برسالتها ومعناها)، وفى اليوم التالى (لم أصل لرئيس التحرير فى نفس اليوم لأنه كان يحضر تكريم جامعة الدول العربية للأهرام)، تواصلت مع الزميل الأستاذ محمد عبدالهادى، رئيس التحرير، وتكلمت معه، وعبرت عن استيائى مما نُشر، وأنه لا يمكن وضع عنوان كاذب جملة وتفصيلا بهذه الطريقة، وأن نحول المشاركة فى بعض حفلات الاستقبال إلى اتهامات بالتمويل الأجنبى والأمريكى، وأكد أنه كان محررا دبلوماسيا ويعلم حقيقة ما جرى، وقال إن الخبر لم ينزل فى الطبعة الثانية من الأهرام، وطلبت منه أن تنشر الأهرام اعتذارا أو توضيحا لما جرى، وهو ما لم يحدث.

هذا اتهام صادم ومخز، وعنوان لا يليق بالأهرام، ولا يليق بالدولة الوطنية المصرية التى دافعنا عنها وعن مؤسساتها وبقائها حين كان الدفاع اختيارا وليس سلطة حكم، وحتى هذه اللحظة لم يُنشر أى اعتذار ولا توضيح من أى نوع حتى كتابة هذا المقال، بل إن ما كتبه د. حسن نافعة رداً على هذه الاتهامات لم تنشره الأهرام.

والحقيقة، لقد اعتدت قراءة هذه النوعية من الأخبار والاتهامات الملفقة قبل تجربة الانتخابات وبعدها، ولم أدخل فى سجال حولها، لأنها مصممة لكى يترك من تبقى من الكتاب والسياسيين المستقلين النقاش العام حول قضايا المجتمع والنظام السياسى بغرض إصلاحه وتطوير أدائه ونقد سلبياته، والدخول فى مهاترات لا تنتهى حول اتهامات مفبركة تستنزفنا جميعا، بمن فينا من يعتبرون نشرها نجاحا وانتصارا.

فى مصر، مثل كل بلاد العالم، هناك حملات صحفية على سياسيين وشخصيات عامة، أحيانا ما تكون بغرض تصفية الحسابات الشخصية أو السياسية، ولكن الفارق الرئيسى بين البلاد المتقدمة، أو الراغبة فى التقدم، وبلادنا.. أنها فى الأولى لا تختلق الوقائع ولا تفبرك أخبارا إنما تركز على أخطاء قد تحدث، وتنتقد سلبيات وتجسمها بغرض تقديم بديل أفضل، أما فى الثانية فإن الاختراع والتلفيق يدلان على أننا مازلنا بعيدين عن مهنية منشودة وتقدمٍ نتمناه.

والفارق بين الحالتين أن فى الأولى هناك نقاشا عاما حول قضايا ورؤى وسياسات مختلفة وأيضا تركيز على الأخطاء والمثالب، وهو أمر يتطلب بعض الجهد والمتابعة، لا يحتاجه مروجو الاتهامات المفبركة، فيكفى أن تقول هذا خائن وهذا عميل وهذا ممول، وينتهى الموضوع عند هذا الحد دون أن يُبذل أى مجهود مهنى أو سياسى لإثبات حرف واحد من الأكاذيب التى تُروج بضمير معدوم.

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى «ويكيليكس» زوّروها حتى «ويكيليكس» زوّروها



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab