القانون أولاً

القانون أولاً

القانون أولاً

 العرب اليوم -

القانون أولاً

بقلم - عمرو الشوبكي

اعتاد المصريون أن يتحدثوا كثيراً عن السلوكيات المتدهورة، وكثيراً ما اشتكوا من البذاءة والشتائم من رموز المرحلة الجديدة المحصَّنين، وتورَّط الكثيرون فى الرد على الشتيمة بالشتيمة والبذاءة بالبذاءة والبلطجة بالبلطجة، لأن هذا أصبح طريقاً فعالاً لاستعادة الحقوق فى ظل غياب القانون.

يقيناً، قضية التعليم الذى يهذب السلوك ويغرس التربية والأخلاق، والأسر التى تربى أبناءها على الفضيلة والقيم، تراجعت فى المجتمع المصرى، وشهدنا سلوكيات يومية فى الشوارع دلَّت على التدهور الذى أصاب سلوكيات الكثيرين، حتى أصبحت القاهرة واحدة من أكثر عواصم العالم تحرشاً بالنساء، وهو ما جعل الكثيرين يعتبرون أن الشعب بسلوكياته هو المسؤول عن التدهور الذى أصاب البلد حتى لو كانت هناك نماذج مضيئة فى المجتمع (عم صلاح وغيره).

والحقيقة أن هذه المدرسة التى تتحدث كل يوم عن سوء سلوكيات المجتمع وانحدار ثقافته ووعيه محقَّةٌ فى جانب مما تقول، لكنها تُصرُّ على تجاهل مسؤولية النظم السياسية القائمة فى تحقيق اللبنة الأولى فى اتجاه التقدم، وهى بناء دولة القانون التى تعد أهم من الديمقراطية وشرطاً لتحقيق التنمية والتقدم الاقتصادى، وليس فقط السياسى والديمقراطى.

لقد تمت استباحة المجتمع بالإعلام السيئ والقيم المتدهورة، حتى أصبحت كلمة «الحفاظ على الذوق العام» من مخلَّفات الماضى، وأصبحت إهانة الناس لا تتم فقط عبر شتائم فى بعض البرامج والصحف، إنما أيضاً بغياب فكرة النقاش العام والمجتمعى حول كل القضايا الجادة التى تخص البلد والمجتمع، من قانون الجمعيات الأهلية إلى كيفية محاربة الإرهاب، وانتهاء بالمشاريع القومية الكبرى، بصورة تساعد على تطوير وعى الناس ودفعهم للمشاركة فى قضايا وطنهم.

السلوكيات السيئة ونقص الوعى مواجهتهما تكون بدولة القانون التى تواجه المخالفين لا أن ترعاهم، ونقص الوعى يواجَه بتعويد الناس على مناقشة قضاياهم الحقيقية بمهنية وشفافية لا الدخول فى التفاصيل الصغيرة والتافهة عوضاً عن الأمور الجادة والمصيرية.

للأسف الشديد لم يُبذل أى جهد يُذكر من أجل بناء دولة القانون، واستمرَّ الحياد السلبى فى التعامل مع إهدار أحكام القضاء، ومع انتشار البذاءة والتحريض والكراهية بصورة لم تعرفها مصر من قبل.

هناك بلاد انتقلت من التخلف إلى التقدم، ومنها سنغافورة مثلاً التى كتب رئيس وزرائها الشهير لى كوان يو كتابه الأعظم: «قصة سنغافورة من العالم الثالث إلى الأول»، وكيف نظر إلى المجتمع بتفاصيله ونقاط ضعفه، وكيف بدأ الإصلاحات، وكيف واجه عيوب المجتمع، ليس بالشعارات والجمل الرنانة، وكيف وضع أسساً لدولة قانون حديثة رغم أنها لم تكن دولة ديمقراطية كاملة، وما فعله الرجل وغيره من كل تجارب العالم الثالث التى تقدمت لم نفعل نحن منه خطوة واحدة.

ما يُنظر إليه الآن على أنه أمور هامشية هو الذى صنع التقدم عند غيرنا، فمهما خلصت النوايا ومهما افتتحنا من مشاريع كبرى فلن نتقدم ما ظلَّ القانون فى إجازة، ونظرية «دعهم يشتموا ويسبوا ويهينوا الناس، لأنهم مفيدون لنا» هى السائدة، فلن نتقدم ولن نحل مشكلة اجتماعية وسياسية واحدة بل سنعقّدها كل يوم.

arabstoday

GMT 09:57 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

هويتنا ودراما رمضان

GMT 17:44 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أولمبياد 2028.. حلم الإسكواش المصري

GMT 00:24 2023 الثلاثاء ,19 أيلول / سبتمبر

ضرب الظالمين بالظالمين

GMT 00:35 2023 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

نصر الله وصل إلى جامعة ستانفورد... وفضحنا!

GMT 02:52 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

فصامية «السخن والبارد»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القانون أولاً القانون أولاً



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:57 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور
 العرب اليوم - قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور

GMT 09:58 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

قربى البوادي

GMT 10:29 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

حملة إيرانيّة على سوريا... عبر العراق

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

لا تهجير ولا أوطان بديلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab