بقلم - عمرو الشوبكي
اليوم هو أول أيام العام الجديد، وكل عام والجميع بخير، وهو عام يأتى والعالم العربى ليس بخير، وتعرضت كثير من دوله ومناطقه لنزاعات مسلحة، كما فى السودان، وعدوان غاشم كما فى غزة. وقد تعرض الشعب الفلسطينى فى الشهور الأخيرة من العام الماضى لأسوأ عملية إبادة يتعرض لها منذ النكبة، حيث استمر العدوان الإسرائيلى لما يقرب من ثلاثة أشهر، قُتل فيها مع سبق الإصرار والترصد حوالى 25 ألف مدنى فلسطينى، بينهم حوالى 10 آلاف طفل، وهى أكبر نسبة لضحايا مدنيين يدفعها شعب لا يتجاوز عدد سكانه 2.4 مليون نسمة.
لقد جرى تدمير 70٪ من مبانى قطاع غزة، وهناك مليون ونصف المليون إنسان بلا مأوى، وهذه المشاهد تتطلب من عالمنا العربى أن يقف مع النفس ليقول: أين كنا؟، وأين أصبحنا؟، وأين يجب أن نذهب؟.
المطالبة بالتغيير لا تعنى بالضرورة أنه سيكون للأفضل، ولكن العمل من أجل الإصلاح هو الضمانة للتوجه نحو الأفضل، والسؤال: هل حصيلة ما جرى مؤخرًا فى أكثر من بلد عربى ستكون نتائجها أفضل فى العام الجديد؟، خاصة بعد تجربة السودان، حيث لم يكن يتخيل كثيرون أن شعبًا قام بثورة عملت من أجل بناء دولة قانون، وتحقيق عملية انتقال ديمقراطى، ينتهى به الحال إلى واحد من أسوأ الصراعات المسلحة فى المنطقة وفى تاريخ السودان المعاصر.
أما تونس فنتوقع أن تكون سنة 2024 حاسمة على الوضع السياسى بها، فلن تستطيع توجهات الرئيس قيس سعيد، التى نالت فى البداية شعبية كبيرة، أن تستمر دون شراكة حقيقية مع المجتمع السياسى والنقابى، خاصة بعد أن بلغت نسبة المشاركة فى الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة حوالى 10%، وهى أقل نسبة مشاركة منذ الثورة التونسية، وبعد أن قاطعتها معظم الأحزاب والقوى السياسية، وتحفظ عليها الاتحاد التونسى للشغل، المؤسسة النقابية الكبرى فى تونس والعالم العربى.
أما ليبيا فإن سنة الانتخابات مرت بدون انتخابات، وقد تتكرر فى هذا العام نفس مشاهد العام السابق، أو تجرى انتخابات تكون مصدرًا للانقسام وليس صناعة التوافق. والتغيير فى ليبيا لن يكون بتأجيل الانتخابات، إنما فى خلق بيئة آمنة لإجرائها، وضمان احترام نتائجها، وأيضًا معالجة الثغرات، التى أظهرتها تجربة العام الماضى سواء على مستوى التفاهمات السياسية أو حجم المواجهات المسلحة وشكل تدخل القوى الإقليمية والدولية، وهى أمور لا يزال إنجازها العام المقبل صعبًا، ولكنه غير مستحيل.
أما مصر، فلا تزال تواجه تحديات اقتصادية كبيرة تتطلب المراجعة والإصلاح.
سيبقى الجرح الكبير هو فى فلسطين والتحديات العديدة، التى يثيرها العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والتى بعضها يتعلق بالنوايا الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين وبعضها الآخر يتعلق بالترتيبات الأمنية، التى ترغب إسرائيل فى فرضها على قطاع غزة بعد الحرب، وهى كلها ستكون أبرز تحديات العام الجديد.