بقلم - عمرو الشوبكي
راهن الكثيرون محليا ودوليا، على مدار 4 سنوات فى السودان، هى عمر المرحلة الانتقالية المتعثرة، على مشروع تقاسم السلطة بين القوى والتيارات السياسية، وتكرر الأمر فى ليبيا على مدار 8 سنوات، منذ اتفاق الصخيرات عام ٢٠١٥ وحتى ملتقى الحوار الليبى فى ٢٠٢١، الذى اختار الدبيبة كرئيس حكومة مع مجلس رئاسى، ثم شكلت حكومة جديدة لصناعة توافق بين الجميع، وكانت النتيجة أنه لم يتوافق عليها الجميع وأصبحت أحد أطراف الانقسام، وظلت البلاد تدور فى دائرة اتفاقات تقاسم السلطة التى لا تنفذ فى أرض الواقع.
والحقيقة أن الذى حكم هذه المراحل فى البلدين هو الخوف من إعطاء السلطة لطرف، حتى لو راقبته أطراف أخرى، بسبب الخوف من عودة النظام السابق والاستبداد، فى حين أن المطلوب هو إعطاء السلطة لجهة واحدة ومراقبتها والضغط عليها حتى لا تنحرف عن المسار الصحيح الذى اختاره أغلب الشعب، وعن مبادئ دولة القانون.
واستمر المجتمع الدولى طوال الفترة الماضية يبحث عن حلول سياسية لتقاسم السلطة فى ليبيا تراوحت بين اتفاقات لا تنفذ فى الواقع، أو محاولات متعثرة لتوحيد مؤسسات الدولة انتهت بعد كل هذه السنوات بتوحيد المصرف المركزى الليبى فقط.
أما السودان فمنذ نجاح ثورته والمجتمع الدولى حاضر فى مساره السياسى، ودفع إلى تأسيس نموذج قائم أيضا على اقتسام السلطة بين أطراف متنافسة، سواء كانت قوى مدنية أو عسكرية، وأنتج مرحلة هشة قائمة على المواءمات التى تعمق الخلافات فى الواقع وتخفيها فى العلن حتى انفجرت فى وجه الجميع بالمواجهات الدموية بين الجيش والدعم السريع.
ومع فشل مشاريع اقتسام السلطة فى ليبيا والسودان، أصبح مطلوبا البحث عن نموذج أو إطار (Frame) جديد لا يعيد إنتاج نموذج تقاسم السلطة، إنما يجب أن يعطى ثقته لطرف أو مشروع سياسى يكون محل توافق بين معظم الأطراف، ويحول المجتمع الدولى جهوده من التركيز على خلق سلطة ضعيفة مفتتة، إما للسيطرة عليها أو خوفا من إعادة إنتاج النظام القديم، إلى الرهان على سلطة واحدة وعلى نظام رئاسى فى كل من السودان وليبيا يضع عليه المجتمع الدولى ضغوطا حقيقية حتى لا يعيد إنتاج نظامى البشير والقذافى.
لا يجب أن تستمر الضغوط الدولية لصالح تكرار نموذج «اقتسام السلطة» فى السودان الذى أنتج حربا بدلا من انتقال ديمقراطى، كما أنه فشل فى أن يحدث أى توافق فى الواقع وليس على الورق داخل ليبيا.
مهم فى تجارب البلاد التى حلت خلافتها السياسية بالسلاح أن تراجع أسباب تعثرها، وأن يراجع المجتمع الدولى أخطاءه السابقة، خاصة أن هناك محاولات لإطلاق مفاوضات جديدة فى السودان لا يجب أن تنتج المسار السياسى السابق، وأيضا إجراء انتخابات فى ليبيا مطلوب ضمان احترام نتائجها.