بقلم - عمرو الشوبكي
الخطاب الإسرائيلى فى مواجهة حماس لا يحاسبها مطلقًا على سلبياتها، إنما على إيجابياتها، وتحديدًا الجانب المقاوم فيها، ويصفها بأنها إرهابية وأسوأ من داعش. هو بالتأكيد خطاب تحريضى لا علاقة له بالحقيقة، حتى لو اختلف البعض على عملية 7 أكتوبر وعلى جزء أو كل أساليب حماس.
ولقد روجت إسرائيل على مدار أكثر من 4 أشهر لخطاب إعلامى وسياسى يقول إن حماس إرهابية، وهى أسوأ من داعش، وردد معها الغرب بصيغ مختلفة مقولة إنها وداعش وجهان لعملة واحدة.
والمؤكد أن خبرة داعش هى بالأساس خبرة إرهابية، وجانب كبير من دوافعها انتقامى، فقد استهدفت كل الأديان والمذاهب، وقتلت من المسلمين أكثر مما قتلت ممن تسميهم الكفار والمرتدين، كما أنها انتعشت فى بلاد عانت حروبًا أهلية وانقسامات مجتمعية، ولم تطرح بديلًا واحدًا قابلًا للتحقيق، فقد تحدثت عن دولة الخلافة، دون أن تمتلك القدرة على الوصول إليها، ولم تبْنِ حتى خطة عمل، ولو بعيدة المدى، لتحقيقها.
والحقيقة أنه حتى الجانب العقائدى والفكرى لحركة حماس ملىء بأفكار عن الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة لم تسْعَ لتطبيقها لأن هدفها الأساسى كان مقاومة الاحتلال، وهنا سنجدها لا تتعامل مع إسرائيل باعتبارها دولة كافرة، ولا تعتبر أن مشكلتها مع اليهود لأنهم يهود، إنما لأنهم محتلون.
كما أن حماس اختلفت مع نظم كثيرة، واختلفت معها قوى وتيارات سياسية فلسطينية وعربية، كما صنفتها الدول الغربية جماعة إرهابية، ومع ذلك لم تقم بعملية إرهابية واحدة فى مواجهة هذه الدول، وكان يمكن أن تقول: «بما أنهم يصنفوننا فى كل الأحوال كإرهابيين، فلا يوجد ما يمنع من استهداف اليهود فى فرنسا أو أمريكا أو داعمى الاحتلال الإسرائيلى أيًّا كانت ديانتهم، وهو ما لم يحدث».
أما تنظيم داعش فقد استهدف مختلف دول العالم، ووصف المسلمة منها بالمرتدة أو الطواغيت، وحارب مسلمين ومسيحيين وسُنّة وشيعة، ولم يُضبط التنظيم مرة واحدة متلبسًا بمحاربة إسرائيل فى أى مكان.
بنية حماس العقائدية ليست بنية تكفيرية، وهذا لا يعنى الاتفاق مع مشروعها الفكرى والسياسى، إنما يعنى التأكيد على أنه حين نكون أمام حركة مقاومة فى مواجهة دولة احتلال، فإن النقاش يجب أن يكون حول صحة أدواتها وأساليبها المقاومة من عدمه، وحول ما إذا كان النموذج الذى قدمته فى إدارة قطاع غزة منذ سيطرتها عليه فى ٢٠٠٧ نموذج نجاح أم لا، وما دورها فى المستقبل؟، فكل هذه الأسئلة مشروعة، ومطلوب النقاش حولها، أما اعتبار إسرائيل حركة حماس إرهابية مثل داعش، فهذا خارج أى فهم علمى لظواهر جماعات الإسلام السياسى، والأهم أنه يعطى لدولة الاحتلال غطاء لكى ترتكب ما تشاء من جرائم، وأن تعتبر قتالها فى غزة هو «حرب ضد الإرهاب».