الدرجة الثانية

الدرجة الثانية

الدرجة الثانية

 العرب اليوم -

الدرجة الثانية

بقلم - عمرو الشوبكي

هناك نظم تتعامل مع شعوبها كمواطنين درجة ثانية إلا أصحاب الحظوة والنفوذ، وهناك دول تحدثت لعقود عن قيم ومبادئ المساواة والعدالة وحقوق الإنسان، وتعاملت مع شعوب بأكملها ليس فقط كدرجة ثانية مقارنة بالشعوب الغربية، إنما أيضًا، وهو الأخطر، أن أرواحهم وحياتهم «درجة ثانية» مقارنة بأرواح المواطنين الغربيين والإسرائيليين.

إن رسالة الفيتو الأمريكى على مشروع القرار، الذي عُرض يوم الجمعة الماضى في مجلس الأمن بوقف إطلاق نار إنسانى، في جوهرها، ليست سياسية، فالعالم اعتاد الانحياز الأمريكى الفج لإسرائيل، إنما هي إنسانية وتمييزية بامتياز لأنها اعتبرت أن هناك مواطنين إسرائيليين «درجة أولى» يجب حمايتهم والانتقام من موت ١٣٠٠ منهم بقتل ثأرى لحوالى ٢٠ ألف فلسطينى، أغلبهم من النساء والأطفال لأنهم مواطنون عرب «درجة ثانية» ينتمون إلى ثقافة وحضارة تعتبرها منظومة الحكم في الغرب في مستوى أدنى، ولا مانع أمام موت مئات الآلاف منهم.

إن فجاجة الموقف الغربى الأمريكى تجاه ما يجرى في قطاع غزة تتجاوز وجود تحالف بين غرب صاحب تاريخ استعمارى مع دولة استعمارية جديدة لتصل إلى أبعاد حضارية وثقافية واضحة أخرجها الفارق الهائل في التعامل مع المدنيين الإسرائيليين، الذين سقطوا في عملية 7 أكتوبر، وبين التعامل مع المدنيين الفلسطينيين، الذين بلغوا حتى الآن أكثر من ٢٠ ضعف ضحايا الجانب الإسرائيلى، إذا أُضيفت إليهم أعداد المفقودين.

تقسيم المنظومة السائدة في الغرب لشعوب العالم إلى أولى وثانية استدعى مخزونًا ثقافيًّا غربيًّا استعماريًّا كامنًا في أوقات السلم، لكنه يخرج في أوقات الحرب، ويحمل فيه كثيرًا (وليس الكل) من الغربيين نظرة دونية تجاه مَن هم خارج الحضارة الغربية، ويعتبرون دماء الرجل الأبيض سواء كان في إسرائيل أو أوروبا أو الولايات المتحدة «درجة أولى» وأكثر أهمية وأكثر قيمة من دماء أصحاب البشرة الملونة «الدرجة الثانية»، وهو أمر يتجاوز مسألة الدعم العسكرى أو التحالف السياسى والاستراتيجى ليصل إلى نظرة تمييزية عميقة تجاه الشعوب الأخرى.

صحيح أن هناك من داخل الغرب مَن ينتقد هذه العقلية، ويسعى لتغييرها أو التخفيف من وقعها، وشاهدنا مظاهرات رفض الجرائم الإسرائيلية وأصوات الضمير التي يطلقها كُتاب وفنانون وأدباء وسياسيون في وجه هذه المنظومة المعرفية التي أنتجت هذا التمييز بين الشعوب، إلا أنها لم تنجح حتى اللحظة في تغييرها.

لقد أعطت الولايات المتحدة- برفض مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة- لإسرائيل رخصة القتل الجماعى عقب عملية 7 أكتوبر لتفعل ما تريد في أهالى قطاع غزة، وباتت مشاهد القتل اليومى جريمة في حق الإنسانية، كما أن هذا الاستخفاف بأرواح البشر جعل قطاعات واسعة من الشعوب العربية والإسلامية تفقد الثقة في الشرعية الدولية والقانون الدولى، بعد أن تم تكريس تمييز فج بين مواطنين «درجة أولى وثانية».

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرجة الثانية الدرجة الثانية



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab