بقلم - عمرو الشوبكي
أُجريت، أمس، فى وقت كتابة هذا المقال، الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، والمتوقع مثلما جرى فى انتخابات 2017 أن يدخل الرئيس الفرنسى المنتهية ولايته جولة الإعادة مع منافِسته من أقصى اليمين، مارين لوبان، فى حين اقترب مرشح أقصى اليسار، جان لوك ميلنشون، منهما دون أن تضعه استطلاعات الرأى فى جولة الإعادة، المقررة فى 24 إبريل المقبل.
وقد شهدت هذه الانتخابات تقدم النسخة المعتدلة أو المقبولة من خطاب أقصى اليمين واليسار، وتراجع النسخ المتطرفة.
فقد تقدمت «لوبان»، ممثلة أقصى اليمين، بثلاث نقاط حتى اقتربت من النسبة التى سيحصل عليها ماكرون، بعد أن قدمت خطابًا أكثر اعتدالًا أعلنت فيه أنها لن تنسحب من الاتحاد الأوروبى، وهاجمت الهجرة غير النظامية، ودعَت إلى عدم قبول مهاجرين جدد فى فرنسا، وقللت من هجومها على الإسلام والمسلمين، فى حين تمسك مرشح اليمين المتطرف، إريك زامور، بنفس خطاب التطرف الأهوج، فتراجع من مرشح ثان فى استطلاعات الرأى مع انطلاق حملته إلى رابع قبل يوم من إجراء الانتخابات.
استطلاعات الرأى لا تزال تضع ماكرون فى المقدمة بفارق حوالى 2% عن منافِسته، «لوبان»، وهو الفارق الذى تضاءل من 6 إلى 2% عشية إجراء الانتخابات، بما يعنى أن جولة الإعادة، التى أُعلنت نتيجتها مساء أمس الأحد، ستضم كلا المرشحين.
أما الإعلام الفرنسى ففى المجمل حافظ على حياده فى نقل الخبر والوقائع، والتزم الإعلام المرئى بالقواعد التى وضعها الجهاز المنظم للإعلام فى فرنسا (CSA)، والتى لا تسمح بالحديث عن مرشح أكثر من الآخر أو بدعوة مرشح أو أحد قيادات حملته وتجاهل آخر، ولكن اختلفت الطريقة التى كان يدير بها الإعلاميون حواراتهم مع ممثلى كل مرشح، حيث اتّسمت النقاشات بالحدة مع إريك زامور، فى حين بدَت ليِّنة وطبيعية مع باقى المرشحين، بمَن فيهم «لوبان»، التى بدَت مقبولة مقارنة بانتخابات 2017. لا يبدو هذه المرة أن هناك نفس الحماس لماكرون كمرشح يعبر عن اليمين، مقارنة بالانتخابات السابقة، فقد خسر جانبًا من شعبيته، وبلغت نسبة الممتنعين عن التصويت حوالى 30%، وهى أعلى نسبة فى تاريخ الانتخابات الفرنسية، وهى تخصم من ناخبى الرئيس وليس «لوبان»، التى ستستفيد من ارتفاع نسب المقاطعين لأن داعميها أكثر تنظيمًا وقدرة على الحشد، وحسموا أمرهم بدعمها، على عكس معظم المقاطعين والمترددين، الذين كان جزء كبير منهم مؤيدًا لماكرون قبل أن يعترضوا على سياساته، وخاصة فى المجال الاقتصادى وضعف القوة الشرائية.
إعادة انتخاب ماكرون لولاية ثانية وأخيرة ستفتح الباب فى الانتخابات المقبلة لوصول «لوبان» إلى السلطة، وخسارته ستعنى وصولها كأول مرشحة لأقصى اليمين إلى الرئاسة، وهو ما سيُحدث تغييرًا كبيرًا فى السياسة الفرنسية داخليًّا وخارجيًّا