الانكسارات التي لم تتحول إلى انتصارات

الانكسارات التي لم تتحول إلى انتصارات

الانكسارات التي لم تتحول إلى انتصارات

 العرب اليوم -

الانكسارات التي لم تتحول إلى انتصارات

بقلم:عمرو الشوبكي

رغم عدالة القضية الفلسطينية ورغم أن تجارب الاحتلال في كل دول العالم إلى زوال، فإن تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي في معظمه انتصارات حققتها إسرائيل، وتاريخ المقاومة الفلسطينية من منظمة التحرير حتى حركة «حماس» في معظمه أيضاً انتصارات حققتها إسرائيل، وأن الإيمان التاريخي الذي يصل إلى كونه إحدى سنن الكون في انتصار العدل ونهاية الظلم يحتاج أيضاً إلى شروط استوفتها تجارب التحرر الوطني التي نالت الحرية والاستقلال، وغابت عن تجارب حركات المقاومة الفلسطينية وبخاصة في مرحلة ما بعد اتفاق أوسلو، وأيضاً عن باقي فصائل المقاومة في أكثر من ساحة عربية.

والحقيقة أن السؤال الذي يجب أن يُطرح يتعلّق بأسباب عدم تحقيق «حماس» أهدافها من عمليتها الجريئة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وما هي جوانب الخلل في بنية فصائل المقاومة المسلحة وأيضاً في تجارب النظم العربية التي رفعت شعارات مقاومة إسرائيل.

والحقيقة أن نجاح تجارب المقاومة المسلحة يتطلب شرطاً حاسماً وهو نجاح نموذجها السياسي سواء تمثل في أداء تنظيمها وكفاءته وقدرته على قبول التنوع في داخله، وأن نظم وتنظيمات إخراس الألسن تحت حجة أننا نعيش مرحلة مقاومة الاحتلال أمر لا يبني مقاومة ناجحة، وإذا كان هذا التنظيم يسيطر على جانب من أرض بلاده فإن مقاومته المسلحة لن تنجح إذا كان يديرها بطريقة استبدادية أو كان في صراع مع شركائه في الدفاع عن القضية نفسها. من هنا تصور أن عملية بحجم 7 أكتوبر يمكن أن تحقق أهدافها في ظل الانقسام الفلسطيني الحالي خطأ كبير، فلا يمكن القول إن المهم الإعداد العسكري الجيد للعملية وإخفاؤها عن إسرائيل وتجاهل أن المشروع السياسي الفلسطيني الذي يفترض أن يغطي هذه العملية منقسم على ذاته وأن أطرافه انشغلت لفترات طويلة بإدانة بعضها أكثر من إدانة جرائم الاحتلال.

يقيناً أن أي عملية عسكرية لا تقاس فقط بالشجاعة والإتقان، إنما بحسابات النجاح السياسية وقدرتها على المساهمة في تحقيق هدف التحرر والاستقلال، وفي حالة «حماس» فإن جناحها العسكري مصنّف مثل جناحها السياسي بأنه «إرهابي»، بحيث لا يستطيع التفاوض مع أعدائه أو مع مخالفيه في التوجه من دون وسطاء، بل وحتى المتضامنون مع الشعب الفلسطيني في كل الدول الغربية ليست لهم أي علاقة بحركة «حماس» ويتبرأون من مشروعها الفكري والسياسي كلما جاءتهم الفرصة لإعلان ذلك، وهو على عكس ما جرى مع كل القادة السياسيين في تنظيمات المقاومة المسلحة في مختلف تجارب التحرر الوطني الذين شكّلوا غطاءً سياسياً دولياً لتنظيماتهم المسلحة، سواء كان المؤتمر الوطني في جنوب أفريقيا الذي خاض النضال المسلح والسياسي حتى التحرر والقضاء على نظام الفصل العنصري، أو جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي مارست الكفاح المسلح وصنّفتها فرنسا في البداية بأنها جماعة إرهابية، ولكنها امتلكت مؤسسات سياسية قادت مظاهرات في أوروبا بما فيها البلد المحتل أي فرنسا.

تجارب التحرر الوطني امتلكت «كوداً» يفهمه العالم بما فيه الاحتلال، حتى لو اختلف معه وحاربه، ولكنه انتهى به الحال أن قبل التفاوض معه، بل وتسليمه السلطة وهو أمر ليس متاحاً لـ«حماس». إن فصائل المقاومة المسلحة عانت بدرجات وصور مختلفة من الأزمة نفسها، وهي عدم اهتمامها بالحصول على توافق سياسي جامع في بلادها، فتجربة «حزب الله» كانت لافتة في هذا الإطار، فالحزب بنى ترسانة عسكرية قوية وامتلك عناصر مدربة وصلبة وحرص على أن ينال رضا بيئته الحاضنة، لكنه تجاهل بشكل كامل باقي شركاء الوطن الذين رفضوا دخول لبنان في أي حرب مع إسرائيل، ورفضوا قبلها صيغة «حزب الله» العسكرية التي هيمنت على القرار السياسي اللبناني لسنوات طويلة.

تجربة لبنان تقول إن هناك تنظيماً اهتمّ بقوته العسكرية وتجاهل الاعتبارات السياسية المحيطة به، وقرر بشكل منفرد الدخول في «حرب إسناد» لغزة أضرت بلبنان ولم تفد غزة، بما يعني أن الاستثمار في القدرات العسكرية وتبني خيار المقاومة المسلحة من دون توافق سياسي داخلي على دعم هذا الخيار ثبت فشله وكرّس نماذج للانكسار العربي، سواء كان ذلك في غزة أو لبنان أو اليمن، وإن كل هذه التجارب اعتبرت بصور مختلفة أن المقاومة المسلحة والأهداف الكبرى والنبيلة تكفي بمفردها لتحقيق النصر.

ما اعتبرته نظم الممانعة الراحلة وفصائل المقاومة الباقية «أموراً هامشية» مثل بناء نموذج سياسي يقبل التنوع الداخلي ويستوعب غالبية المجتمع داخل مؤسساته وامتلاك مشروع سياسي قادر على التأثير في الخارج، اتضح أن غيابه في غزة وغيرها مثّل السبب الرئيسي وراء مسلسل الانكسارات العربية واستمرار العدوان والاحتلال واستباحة الدم الفلسطيني.

 

arabstoday

GMT 19:20 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

الرياضة حرب شريفة؟!

GMT 19:18 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

ترامب وهارفارد وحقوق الإنسان

GMT 19:16 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

القادم أخطر على جماعة الإخوان

GMT 09:15 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

على الرحب

GMT 09:13 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

الشرق الأحمر!

GMT 09:10 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

الأردن و«الإخوان»... الضربة القاضية

GMT 09:05 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

مرّة أخرى عن الذكرى الخمسين للحرب اللبنانيّة...

GMT 09:02 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

خبر فلسطيني مُبَشِّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانكسارات التي لم تتحول إلى انتصارات الانكسارات التي لم تتحول إلى انتصارات



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:48 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

غارات أميركية هي الأعنف تطال مواقع حوثية في اليمن

GMT 01:55 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

زلزال يضرب أفغانستان بقوة 6.4 درجة

GMT 01:49 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

سلسلة غارات إسرائيلية جنوب لبنان

GMT 12:40 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

أمير كرارة يخوض تجربة فنية جديدة

GMT 12:39 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

هند صبري تخطو خطوة جديدة في مشوارها الفني

GMT 12:05 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

إصابة 24 شرطيا في اشتباكات عقب ديربي روما

GMT 12:37 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

ياسمين عبد العزيز تحيّر جمهورها حول عملها المقبل

GMT 11:59 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

جيش الاحتلال يعلن اغتيال قائد خلية في حماس

GMT 12:58 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

معقول كله من المَطاعيم؟!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab