بقلم - عمرو الشوبكي
لم يخطئ الرئيس الفرنسى المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون، حين قال في مناظرة يوم الأربعاء الماضى أمام منافسته، مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، إننا لن نكون أمام انتخابات إنما استفتاء على مشروعين متناقضين لفرنسا.
وقد امتدت هذه المناظرة لما يقرب من 3 ساعات طرح فيها كل مرشح أفكاره ورؤيته لفرنسا وعلاقتها بأوروبا والعالم، واختلفت عن المناظرة التي جمعتهما في انتخابات 2017 في أن ماكرون وقتها كان زعيمًا شابًّا لحزب ومشروع سياسى جديد لم يحكم، في حين أنه أصبح في هذه المناظرة رئيسًا يحكم منذ 5 سنوات أخطأ وأصاب، وبالتالى كان هناك جزء من النقاش حول طريقة حكمه وإدارته للبلاد، والتى أفقدته تأييد قطاع من الفرنسيين، صوّت جزء منهم لصالح مرشح أقصى اليسار «ميلنشون» (خسر بفارق 400 ألف صوت) وجزء آخر سيصوت اليوم لصالح مارين لوبان، متأثرًا بمقولاتها الشعبوية التي مسّت هموم قطاع من الفرنسيين.
مناظرة يوم الأربعاء الماضى كشفت جانبًا من الخلاف العميق بين المرشحين/ المشروعين، ويمكن القول إن «لوبان» تفوقت على منافسها في أول ثلث ساعة، وبدا ماكرون حذرًا، ويتكلم برعشة خفيفة، ولكنه سرعان ما سيطر على الحوار ساعة كاملة، ثم تعادلا تقريبًا في الوقت الباقى.
لقد وجّه ماكرون نقدًا حادًّا إلى منافسته لقيامها بأخذ قرض من بنك روسى لم تسدده حتى الآن، وهو يعنى كما قال أنها تابعة لروسيا، وهو اتهام أربكها بشدة، خاصة أن الواقعة صحيحة.
ماكرون كان أقوى فيما يتعلق بالعلاقة بأوروبا والسياسة الخارجية إجمالًا، وكان متمكنًا أكثر منها من الملف الاقتصادى، وبدا واضحًا أنه مرشح النظام العالمى والاتحاد الأوروبى والعولمة، حتى لو طالب بإصلاحها.
أما الجزء الخاص بالأمن وارتفاع معدلات الجريمة ومشاكل المدارس، فكانت «لوبان» أشد قوة وحضورًا وحافظت على جمهورها الذي يرى (ضمنًا أو صراحة) أن سبب الجريمة هم الأجانب وخاصة العرب، كما أن خطابها الحاد في حق المتشددين الإسلاميين ومطالبتها بترحيل المشبوهين منهم (حوالى 4 آلاف تحت المراقبة الأمنية) كان أقوى أيضًا، لكنها خسرت معركة المطالبة بمنع الحجاب في الأماكن العامة (ممنوع في المؤسسات العامة)، وهو ما جعل ماكرون يرد عليها بالقول إن فرنسا بلد التنوير ستكون أول بلد في العالم يمنع الحجاب من الشوارع، وهو ضد نظامها العلمانى.
أذكر أنى كتبت في مثل هذا اليوم وعقب مناظرة 2017 مقالًا في «المصرى اليوم» حمل عنوان: «فرنسا تنتظر الرئيس ماكرون»، وفاز الرجل وحقق انتصارًا ساحقًا (حصل على ثلثى أصوات الناخبين) ودعمته تقريبًا كل الأحزاب السياسية، أما اليوم فيمكن القول إن فرص ماكرون في الفوز أكبر من منافسته «لوبان»، لكن هذا لا ينفى حقيقة أن اليمين القومى المتطرف أصبح على أبواب قصر الإليزيه في فرنسا.