بقلم:عمرو الشوبكي
الأفكار التى طرحها واحد من كبار خبراء مصر الاستراتيجيين اللواء سمير فرج، حول حركة حماس، والتفاصيل التى نشرتها صحيفة «الشروق» حول رؤيته لما جرى فى ٧ أكتوبر وموقفه من حركة حماس ودعوته لها بمزيد من المرونة وفتح الباب أمام هجوم (وليس نقاش أو نقد) يتكرر مع القامات الكبيرة فى البلد، لأن الرجل من بين القلائل الذين امتلكوا تجربة نجاح وبصمة أثناء تاريخهم المهنى المدنى (حين كان محافظا للأقصر) والعسكرى على السواء.
والحقيقة أن موضوع حماس على الساحة العربية والمصرية جدلى، وأن الرجل من حقه أن يكون له وجهة نظر شخصية مهما كان قربه من القيادة السياسية، ويجب ألا تفسر على أنها موقف رسمى.. والقول إن الكلام (الذى هو كلام فى النهاية) ستحاسب عليه مصر الرسمية غير صحيح طالما أن الرجل ليس مسؤولا رسميا يتحدث باسم الدولة.
صحيح أن شخصية بوزن وعلاقات سمير فرج فى الداخل مطالبة بألا تخرج عما هو مستقر ومتوافق عليه داخل خط الدولة، وهو ما حدث فى جوهر تصريحه، فالرجل لم يقل إن المقاومة ليست حقا طالما هناك احتلال، ولم يورط مصر بمطالبتها بالحرب إنما أكد على العقيدة الدفاعية للجيش المصرى عكس إسرائيل، وقال رأيه الشخصى حول حركة حماس كما يفعل الخبراء فى كل العالم.
إن اكتفاء أى خبير استراتيجى فى مصر بترديد فقط ثوابت موقف الدولة دون الدخول فى التفاصيل يضعف كلامه؛ لأن الموضوع يتحول إلى درس إنشاء لن يهتم به أغلب الناس، أما المهارة فهى أن تحافظ على ما هو ثابت فى الخط العام ويكون لك اجتهاد خاص بك على مستوى التحليل السياسى والاستراتيجى، وهذا ما فعله اللواء سمير.
أما جوهر موقفه من حماس، فقد أكد على شجاعتها وصلابتها وأشاد بتضحيات الشعب الفلسطينى واعتبر أن ٧ أكتوبر أعادت اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية، ثم أشار إلى أن الشهداء الذين سقطوا فى غزة هو ثمن دفعته تجارب التحرر، وأشار إلى الجزائر بلد المليون شهيد.
والحقيقة أن مشكلة حماس هى أن جناحها السياسى مصنف مثل جناحه العسكرى فى أمريكا وأوروبا كتنظيم إرهابى، وأن المشكلة الأكبر أن بنيتها ليست قادرة على بناء مؤسسات فلسطينية قادرة على أن تخاطب العالم وتؤثر فيه كما فعلت كل تجارب التحرر الوطنى الأخرى، فالجناح السياسى لجبهة التحرير الجزائرية كان يتظاهر ويحتج فى قلب البلد الذى يحتله؛ أى فرنسا، وهذا على عكس حماس غير القادرة حتى على الحضور فى أوساط داعمى القضية الفلسطينية فى الغرب.
ستبقى حماس حركة مقاومة صلبة ومشروعة طالما بقى الاحتلال، إلا أن مناقشة مشكلاتها يجب ألا تكون على الأرضية الإسرائيلية باستسهال الإدانة إنما يجب بحث مشكلاتها التى تعطل قدرة الشعب الفلسطينى على تحقيق أهدافه.