بقلم - عمرو الشوبكي
بعد غياب أكثر من عامين عادت المهندسة فاطمة حافظ وتواصلت معى بكتابه هذا التعليق، الذي أختلف، على غير العادة، مع كثير مما جاء فيه، ولكنى أُقدر دائمًا منطقها وأسلوبها المميز وتعبيرها بإخلاص عما تؤمن به، وجاء فيه:من ليست له هوية يبحث عن واحدة تضمه وتحتويه، وهذا ما يفعله المصرى المسلم الذي ينحاز للمسلم، أو المصرى المسيحى الذي ينحاز للمسيحى، لأنهما لم يتعلما أن هناك هوية واحدة تضمهما معًا، وذلك ليس فقط بسبب جماعات التطرف التي تُركت وسُمح لها بأن ترتع منذ السبعينيات، ولا إلى اضطرار المسيحيين إلى الانزواء في الكنائس والاحتماء بها، ولكن أيضًا لأن هناك خللًا في مناهج التعليم.
تفاءلت كثيرًا بالدكتور طارق شوقى على عكس الكثير من «الماميز»، وتوقعت أن يبدأ بتغيير المناهج الخَرِبة كما بدأ بإدخال التكنولوجيا وتعليم الطالب الاعتماد على نفسه، ولكن للأسف أرى المناهج كما هي تُدرس للطلبة تاريخ «غير المصريين» وكأنه تاريخنا، والتباهى بحروب ومعارك لا تمت لنا كمصريين بصِلة.
أعتقد أن مشكلة المناهج ترجع إلى عشرات السنين منذ ثورة يوليو ومحاولة إعلاء بعض من أحداث التاريخ على حساب أحداث أخرى، وطغيان السياسة على كل شىء حتى التعليم والاهتمام بتاريخ العرب على حساب تاريخ مصر، ثم عندما سيطر الفكر الإسلامى المتشدد على كثيرين منذ السبعينيات جرت أسلمة التاريخ والمناهج المصرية، وكأن مصر بدأت فقط مع دخول العرب أرضها، وبالتالى تم تهميش تاريخ المصريين الجمعى.
ففى مناهج اللغة العربية، وباستثناء روايتَى «كفاح شعب مصر» لنجيب محفوظ و«الأيام» لطه حسين، لا تُدَرَّس أي رواية عن مصر أو المصريين بل كل ما يدرسه الطالب هو روايات عن بطولات العرب والمسلمين، أمثال طارق بن زياد وخالد بن الوليد وعقبة بن نافع وغيرهم.
فعَن أي مواطنة تتحدث وهذا ما يُدَرَّس للطلبة المصريين بالمدارس، ولا يوجد ما يجمعهم أو يوحدهم تحت راية واحدة هي راية مصر؟
عندما نربى أجيالًا على هذه الفُرقة في المدارس «القومية» طبيعى أن يصبحوا لقمة سائغة في فم التنظيمات المتشددة عندما يكبرون.
من ناحية أخرى، عندما قررت وزارة الهجرة عمل برنامج «أبليكيشن» يجمع المصريين في الخارج ويساعد أبناءهم على تعلم لغتهم الأم وسموه في البداية «اتكلم مصرى» تم تغييره فجأة إلى «اتكلم عربى»، وكأن اسم مصر من العار استخدامه وحده (شخصيًا مع شعار وزارة الهجرة اتكلم عربى).
أتعجب كثيرًا وأضرب كفًا بكف عندما تظهر جماعات من الشرق والغرب تَدَّعى انحدارها من مصر، بينما يتهرب المصريون من أصلهم ويَدَّعون مرة أنهم عرب، ومرة أنهم تُرك، ومرة أنهم مسلمون فقط.نلوم جماعات الإسلام السياسى كثيرًا ولا نعترف بعيوبنا ومناهجنا، ولا نريد إصلاح ما بها من خلل وعوار.