كيف أصبح اليمين المتطرف «غير متطرف»

كيف أصبح اليمين المتطرف «غير متطرف»؟

كيف أصبح اليمين المتطرف «غير متطرف»؟

 العرب اليوم -

كيف أصبح اليمين المتطرف «غير متطرف»

بقلم : عمرو الشوبكي

حين كنت طالباً فى فرنسا منذ عشرين عاما، كان قبول معظم السياسيين، خاصة من اليسار، لأى حوار مع زعيم حزب الجبهة الوطنية جان مارى لوبان (والد المرشحة الخاسرة مارين لوبان) أمرا نادر الحدوث، فمقاطعة الحزب فى أى حوار إعلامى أو سياسى باعتباره حزبا عنصريا ومتطرفا كان أمرا سائدا ومتكررا.

وإذا قرر طلاب اليمين المتطرف دعوة أحد قادتهم للجامعة، ففى أغلب الأحوال لن يستطيع الدخول بسبب اعتراضات الشباب الصاخبة، وغالبا ستلغى الإدارة الندوة حتى لا تحدث مصادمات بين الطلاب.

ودارت الأيام وتغيرت الأحوال وأصبح اليمين المتطرف فى كل بلاد العالم طرفا شرعيا ومقبولا داخل العملية السياسية، وأصبح فى بعض الحالات حاكما، وتحول من اليمين المتطرف العنصرى إلى اليمين الوطنى المتشدد.

ثم جاء وصول ترامب لسدة الرئاسة (الطبعة الأمريكية من اليمين المتطرف) بعد أن نجح فى أن يصبح جزءا من الثنائية الحزبية الحاكمة بانضمامه إلى الحزب الجمهورى، ووصل من خلاله إلى رئاسة أمريكا.

أما التجارب الأوروبية فقد شكلت فيها أحزاب اليمين المتطرف أحزابها المستقلة، وظلت لفترة طويلة منبوذة من الأحزاب التقليدية يمينا ويسارا، حتى أصبحت جزءا من المنظومة السياسية وقبلتها مؤسسات الدولة باعتبارها جزءا من المعادلة الديمقراطية وليست تماما خطرا عليها.

تجربة فرنسا ذات دلالة فى هذا الإطار، فرغم خسارة اليمين المتطرف الكبيرة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلا أنه فى النهاية نجح فى الحصول على 34% من أصوات الناخبين، أى حوالى 11 مليون ناخب مما يقرب من 50 مليونا، وهى نسبة كبيرة، كما قُبل حزب الجبهة الوطنية مجتمعيا باعتباره طرفا رئيسيا فى المعادلة السياسية، وتعاملت كل النخب السياسية من اليسار المتطرف مرورا بيسار الوسط وانتهاء بيمين الوسط، على أن هذا التيار جزءٌ أصيلٌ من المشهد السياسى والحزبى فى فرنسا، معلنة بذلك انتهاء خطاب: لا ديمقراطية للأحزاب الفاشية والعنصرية كما كان يقال فى تسعينيات القرن الماضى.

والحقيقة أن سبب هذا التحول يرجع فى الواقع إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها أن هناك مشاكل اجتماعية حقيقية عاشها المواطن العادى فى أوروبا وأمريكا متعلقة بزيادة أعداد المهاجرين الأجانب بصورة فاقت طاقة سوق العمل المحلية، كما أن كثيرا من هؤلاء المهاجرين جاءوا من العالم العربى حيث اختلاف الثقافة والدين فى بلادهم الأصلية عن بلدهم الغربى، وعقّد الأمور تزايُد الإرهاب الذى يقوم به فى النهاية مسلمون، ولو اسما، ولكنهم حُسبوا على المهاجرين المسلمين، وأصبح هناك واقع اجتماعى يعيشه كثير من مواطنى أوروبا فيه مشاكل كثيرة مع المهاجرين، استثمرته أحزاب اليمين المتطرف التى أصبحت تتكلم أكثر عن الأولوية لأهل البلد، سواء كان الأمريكى أو الفرنسى، أكثر من الحديث العنصرى الذى يستهدف بشكل مباشر الأجانب.

كما أن ضحايا العولمة، خاصة فى مجال الزراعة والصناعات الحرفية وكثير من الأنشطة التجارية الوطنية، وتهميش قطاعات اجتماعية واسعة أقل تعليما وانفتاحا على العالم الخارجى، كل ذلك جعل هناك جذورا شعبية أخرى لليمين المتطرف لا ترجع فقط لجوانبه المتطرفة والعنصرية.

اليمين المتطرف كما أراه ارتكز فى جانب من خطابه مؤخرا على ظهير اجتماعى قوى، وغلف خطاب التطرف والكراهية بقفاز حرير، ولكنه لا يقدم حلا حقيقيا لمشاكل الواقع، فالكل فى أوروبا وأمريكا، يمينا ويسارا، مع تشديد إجراءات الهجرة ومراقبة الحدود بصورة صارمة، كما أن مشاكل نظام السوق ومثالب العولمة لن تُحل بالعزلة والانغلاق إنما بمواجهة آثارها السلبية من خلال التفاعل معها.

صحيفة : المصري اليوم

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف أصبح اليمين المتطرف «غير متطرف» كيف أصبح اليمين المتطرف «غير متطرف»



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab