بقلم:عمرو الشوبكي
الحوار الأخير الذى أجراه أحمد الشرع مع قناة العربية الحدث مهم أن يُقرأ باعتباره يعكس جانبًا من خطط الرجل وتصوراته المستقبلية حول سوريا بعيدًا عن الصورة النمطية، التى تختزل الأمر فى تاريخه المتطرف، وتغلق أى فهم لتحولاته وخطابه الجديد، أيًّا كانت درجة الاختلاف أو الاتفاق معه.
والحقيقة أنه يجب أخذ خطابه المعلن بجدية لأنه يحمل مشروعًا وطريقة جديدة غير مضمونة النجاح، ولكنه يسعى أن يوازن ويوائم بين تناقضات كثيرة قد تنفجر فى وجهه وفى وجه سوريا كلها، ولكنه حتى اللحظة عبر كثيرًا منها، وهو من خلال تحالفاته الإقليمية، وخاصة مع تركيا، مرشح أن يكون لاعبًا مهمًّا فى المنطقة فى السنوات القادمة.
الأمر اللافت فى خطابه أنه واعٍ بمسارات الفشل والتعثر فى تجارب التغيير والثورات العربية، سواء التى أخذت شكل احتجاجات مدنية مثل السودان، وانتهى سوء إدارة المرحلة الانتقالية والصراع الذى عرفته بين مختلف الأطراف على السلطة إلى حرب مسلحة بين الجيش والدعم السريع، أو فى ليبيا، التى عرفت انتفاضة شعبية ومسلحة، دعمها الناتو، ونجحت فى إسقاط نظام القذافى بالقوة، وعجزت بعدها عن أن تُحدث التوافق المنشود بين بنغازى وطرابلس.
الصراع على السلطة منذ اللحظة الأولى بين رفاق تجارب التغيير العربية كان أحد عوامل فشلها، أما فى سوريا فإن ما يفعله «الشرع» يقول إنه يسلك طريقًا مختلفًا ليس فيه بالقطع زهد فى السلطة، إنما هو مسار مختلف للوصول إليها.
فقد قدم الرجل خطابًا حاول فيه أن يُطمئن الجميع فى الداخل والخارج، ولم يشتبك مع معارضى هيئة تحرير الشام، ولم يدخل فى أى سجال مع أى فصيل سياسى أو مسلح فى سوريا، كما بدا وكأنه ليست له علاقة بكل قضايا الجدل المدنى الدينى فى عالمنا العربى، وكأن حالات «تقطيع الهدوم» فى مصر وبلدان عربية أخرى حول سوريا وهيئة تحرير الشام لا تخصه ولم يشتبك معها.
كما أن حديثه عن روسيا كان غير متوقع، وقال إن لديها علاقات تاريخية بسوريا ستجعل من غير المقبول أن تخرج بصورة غير لائقة من بلاده، وحتى إيران لم يهاجمها بشكل قاسٍ، وطبعًا أكد ما هو مؤكد بتحالفه مع تركيا دون أن يقولها صراحة.
أعتقد أن «الشرع» بإعلانه أنه سيحل هيئة تحرير الشام مع انطلاق المؤتمر الوطنى يعنى أن مشروعه للحكم الرسمى سيبدأ بعد الفترات الانتقالية الطويلة، (٤ سنوات من أجل إجراء انتخابات الرئاسة و٣ لكتابه الدستور)، وسيبقى هو فى مساحته الحالية، التى تبدو بعيدة عن الخلافات، يبنى المؤسسات الجديدة من خلال وضع رجال على قمتها لتكون بعد مناقشات وخلافات سنوات الانتقال الطويلة هى البديل المنظم الجاهز من أجل الحكم بدعم شعبى.
فهل سينجح فى خططه؟. سنرى فى الأشهر القادمة.