بقلم : عمرو الشوبكي
هو اقتراح جاءنى من الدكتور جلال شمس الدين(galaleldin33@yahoo.com)، والذى اعتاد أن يتواصل معى منذ اقتراحه «الهندسى» لحل مشكلة تيران وصنافير، وهذه المرة تعلق الأمر بتحويل نظام التعليم الثانوى العام إلى نظام مهنى تخصصى وفق ما جاء فى مقالته المطول، التى تضمنت الآتى:
ينبغى أن يعاد النظر فى أهداف التعليم الثانوى العام فى مصر، الذى كان- فيما أعتقد- صالحا لمجتمع زراعى بسيط، ولكنه لم يعد صالحا للعصر الذى نعيش فيه، وبالتأكيد لن يكون صالحا للعصر القادم، فنحن نعيش فى عصر التخصص والتقنية لا عصر الثقافة العامة، وهى- أى الثقافة العامة- الأساس الذى بُنيت عليه فلسفة التعليم الثانوى العام. وعلى ذلك يجب أن يُحَوَّل التعليم الثانوى العام إلى تعليم ثانوى مهنى تخصصى مثلما هو موجود فى مصر فى مدارس التجارة المتوسطة والصنائع والزراعة... إلخ، على أن تكون مدة الدراسة فيه خمس سنوات بعد شهادة الإعدادية، حتى يُخرِّج لنا أفرادا قادرين على إنتاج عمل جيد، فى مقابل ذلك يخصم عام من التعليم الجامعى، ثم نجعل هذا التعليم التخصصى هو الذى يؤهل للدخول إلى الجامعة.
وعلى ذلك يجب أن تُقسَّم كافة فروع التعليم الجامعى إلى مجموعات متكاملة، فهذه مثلا مجموعة العلوم الطبيعية وتدرس الرياضة والفيزياء والكيمياء والأحياء، ولها مدارسها التى تؤهل لدخول كليات العلوم، وهذه مجموعة العلوم الكيميائية والحيوية والطبية وتدرس الرياضة والفيزياء والكيمياء والأحياء ومبادئ التشريح والفسيولوجيا والصيدلة، ومدارسها تؤهل لدخول كليات الطب والتمريض والصيدلة، وهذه مجموعة العلوم التجارية والمالية، وتدرس الرياضة والجغرافيا والاقتصاد وأعمال الأوراق المالية بأنواعها وأعمال البورصة ولها مدارسها التى تؤهل لدخول كليات التجارة، وهذه مجموعة العلوم الهندسية، وتدرس الرياضة والفيزياء والكيمياء والميكانيكا والكهرباء والرسم الهندسى والأعمال المدنية والمعمارية، ولها مدارسها التى تؤهل لدخول كليات الهندسة ومعاهدها، وهذه مجموعة العلوم القانونية والعقارية، وتدرس مبادئ القانون والاقتصاد ونظم التصرف فى الأراضى والمبانى وأعمال التوثيق بالشهر العقارى وأعمال المحاكم والتخليص الجمركى ولها مدارسها، وهذه مجموعة العلوم الفلسفية والنفسية والاجتماعية واللغوية، ولها مدارسها التى تؤهل لدخول الأقسام المختلفة بكليات الآداب، وهذه مجموعة العلوم الدينية التى تدرس الأديان المختلفة على نطاق واسع، ولها مدارسها التى تؤهل لدخول الكليات الدينية الإسلامية والمسيحية، ونستمر هكذا إلى آخر الكليات الموجودة، مع مراعاة أن المواد القومية والثقافية سوف تكون قاسما مشتركا بين كافة هذه المجموعات. وغنى عن البيان ضرورة إضافة المادة الغائبة إلى كل ذلك، وهى مادة مناهج البحث العلمى، لتحتل الصدارة فى التعليم، نعم لقد نقلنا كثيرا من العلوم الحديثة من الغرب، ولكننا مع ذلك نسينا أن ننقل الوسيلة التى صنع بها الغرب هذه العلوم، وهى مادة مناهج البحث العلمى، فبقينا نحن نَقَلةً لا مبدعين.
ولعل فائدة هذا النظام، وفق ما جاء فى رسالة د. جلال، مسألتان رئيسيتان: الأولى أن من سينجح فى الالتحاق بالجامعة من خريجى التعليم المهنى التخصصى لن يبدأ دراسته فى الجامعة من الصفر، بل من حيث انتهى به التعليم المهنى التخصصى، وهذا سيتمثل مردوده فى رفع مستوى خريج الجامعة الذى تدهور حاليا مما يعمل على رفع كفاءة الأداء العام، أما من لم يستطع الالتحاق بالجامعة فسوف يكون متخصصا فى فرع ما من فروع المعرفة والتقنية بما يؤهله للعمل وكسب عيشه، ولن يحتاج لبذل مجهود إضافى لتأهيل نفسه لعمل جديد.
هذا مقترح نضعه أمام الرأى العام والمسؤولين عن التعليم فى مصر لعل وعسى تكون هناك بداية جادة لمناقشة قضية التعليم فى مصر بأفكار ودماء جديدة.