اللعب بالدستور لعب بالنار

اللعب بالدستور لعب بالنار

اللعب بالدستور لعب بالنار

 العرب اليوم -

اللعب بالدستور لعب بالنار

بقلم ـ عمرو الشوبكي

الدستور عمل بشرى وليس كتابا مقدسا، وتعديله أمر وارد بعد تطبيقه واكتشاف عيوب بعض مواده، وعبر توافق مجتمعى وسياسى يختار اللحظة المناسبة لإجراء عملية التغيير.

والحقيقة أن مطلب تعديل الدستور، فى الوقت الحالى، خلا من كل الشروط السابقة، فمعظم نصوصه لم يطبق، وكثير منها تم تجاهله عمدا من قبل رئيس البرلمان والسلطة التنفيذية، كما أن النقاش الحالى بدا وكأن هدفه تأجيل انتخابات الرئاسة بزيادة مدتها لتصل إلى 6 سنوات بدلا من 4، كما ينص الدستور الحالى.

والحقيقة أن الدستور لم يكن عملا فرديا ولم يحدد نصوصه قرار مسبق، إنما هو نتاج نقاش وجدل لم يخلُ من مثالب، استمر لأكثر من 3 أشهر حتى خرج للنور بصيغته الحالية.

والحقيقة أن باب نظام الحكم، الذى شرفت أن أكون مقررا له (بالانتخاب)، كان من أكثر الأبواب إثارة للخلاف، خاصة مع وجود تيارين مؤثرين: أحدهما تبنى النظام السياسى البرلمانى أو أقرب للبرلمانى، أبرزهم د. محمد أبوالغار، ولم يكن أ. عمرو موسى بعيدا عن هذا الرأى، وأيضا د. السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، وآخرون، يقابله تيار آخر ضم كاتب هذه السطور وكل الأسماء الشابة فى لجنة الخمسين (أحمد عبدالعزيز وعمرو صلاح وأحمد عيد ومحمود بدر)، ومعهم كل من سامح عاشور، نقيب المحامين، وأ. محمد سامى، رئيس حزب الكرامة، وآخرين.

والمفارقة أن النص الدستورى الذى اقترحته لجنة العشرة، ومن ضمنهم رئيس البرلمان الحالى، وعُرض على لجنة الخمسين ولم تأخذ والحمد لله بمعظم مواده، خاصة فى باب نظام الحكم، كان ينقل البلاد إلى النظام البرلمانى ويقلص صلاحيات الرئيس إلى أدنى حد ممكن، صحيح أن بعضهم اكتشف فجأة أن الدستور كُتب فى لحظة عدم استقرار، وأن صلاحيات الرئيس منقوصة وغيّر آراءه لدوافع وتوجيهات معروفة.

والحقيقة أن المدرستين فى النظم السياسية، أى البرلمانى والرئاسى، مطبقتان فى كل الدول الديمقراطية، وأننى واحد من تيار تبنى النظام الرئاسى قبل ثورة يناير وبعدها وداخل لجنة كتابة الدستور وخارجها، رغم أن الموجة السائدة كانت التحول نحو النظام البرلمانى.

والحقيقة أن النظام المصرى هو نظام شبه رئاسى، أى رأس سلطته التنفيذية هو رئيس الجمهورية، ولكنه يضم أيضا رئيس وزراء ينتخبه البرلمان ويشارك رئيس الجمهورية جانبا من صلاحياته الداخلية، وهنا سنجد النظام الفرنسى هو الأبرز بين هذه النظم، ومعه النظام التونسى الواعد ومدة الرئاسة فيهما 5 سنوات، فى حين أن النظم الرئاسية الكاملة، مثل أمريكا ومعظم دول أمريكا الجنوبية، ليس بها رئيس وزراء ومدة الرئاسة فيها 4 سنوات.

والحقيقة أن الجدل الذى دار داخل لجنة الخمسين لم يكن بعيدا عن أى نقاش فى أى بلد يرغب فى أن يؤسس دستورا محترما قابلا للتطبيق، وكان النقاش حول صلاحيات رئيس الجمهورية كبيرا وعميقا فى أغلب الحالات، ونجح التيار الداعم لفكرة النظام شبه الرئاسى فى أن يضع مواد كثيرة حسمت أن رأس النظام السياسى ليس بالطبع رئيس الوزراء ولا البرلمان، إنما هو رئيس الجمهورية، ونال رئيس الجمهورية صلاحيات تفوق بمراحل ما كان مقترحا من لجنة العشرة.

ويلاحظ أن الرئيس فى الدستور الحالى من حقه أن يختار وزراء السيادة، أى الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، وهو النص الذى اقترحته داخل اللجنة وأخذ وقتا طويلا من النقاش، ونال فى النهاية موافقة أعضائها، وكنت ومازلت مع أن يصبح النص الدستورى هو أن يختار ويعفى لا أن يختار فقط كما هو النص الحالى (هناك رأى قانونى يقول طالما أعطى له حق الاختيار فمن حقه أيضا أن يعفيهم).

ومنذ أن صدر الدستور وهو يتعرض لهجمات متعددة الدوافع، لا علاقة لها فى كثير من الأحيان بنصوصه الحقيقية، وظل كل من كان يتمنى أن يصبح عضوا فى لجنة الخمسين، ومن نعم الله أنه لم يصبح، ومعه بعض الإعلاميين وأشباه سياسيين ولجان إلكترونية، يشن حملة أكاذيب مزورة على نصوص غير موجودة أصلا، مثل القول إن من حق البرلمان سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وهو جزء من مؤامرة حاكتها لجنة الخمسين على الرئيس، والحقيقة أن المادة 161 تعطى الحق لمجلس النواب بأغلبية الثلثين أن يقترح عمل استفتاء شعبى لسحب الثقة من رئيس الجمهورية، (أى ليس البرلمان الذى يسحب الثقة، إنما الشعب الذى انتخبه)، وفى حال رفض الشعب سحب الثقة من الرئيس يصبح البرلمان منحلا، وهو ما لم يتم الأخذ به فى حال استفتى الرئيس الشعب على حل البرلمان ورفض الشعب حله يبقى رئيس الجمهورية فى منصبه.

النظام الرئاسى الديمقراطى له قواعد، من أهمها ألا يبقى الرئيس للأبد فى السلطة، وكل التجارب الناجحة قللت فترة الرئاسة، ففرنسا أنقصتها من 7 إلى 5 سنوات، وأمريكا ومعظم النظم الرئاسية حافظت على تقليد الأربع سنوات القابل للتمديد مدة واحدة، ويقينا أن لدينا مشكلة أن البرلمان مدته 5 سنوات، والرئاسة مدتها 4 سنوات، ولأن من يطالب بالتغيير عينه فقط على صلاحيات الرئيس وليس كفاءة النظام السياسى بكامل أركانه، بأن تصبح مده السلطة التشريعية والتنفيذية واحدة (5 سنوات).

النقاش حول الدستور ومراجعة بعض نصوصه وارد إذا كان الهدف هو تعديل ما ثبت فشله فى التطبيق أو تعطيله لمصالح الناس أو أحدث خللا فى النظام السياسى، ولكن تعديله تفصيلا وبهدف وحيد هو تأجيل الانتخابات الرئاسية وإرضاء رئيس الجمهورية وإعطاؤه صلاحيات مطلقة، لعب بالنار وكارثة تهدد النظام السياسى الحالى أكثر مما تهدد الشعب، وتهدد المؤيدين أكثر من المعارضين، ولا يوجد مبرر لها مثل إجراءات كثيرة اتخذت فى الفترة الأخيرة دون أى أسباب مقنعة.

نعم فتح ملف بعض مواد الدستور وارد عقب انتخابات الرئاسة، العام المقبل، ولكن بشرط إجراء حوار سياسى وقانونى بين أصحاب الآراء والأفكار المختلفة من كل الاتجاهات لمعرفة أى مواد أثبت الواقع أنها تحتاج لتغيير للصالح العام وليس لصالح حاكم أو رئيس أو نظام، مثلما يفعل رجال التفصيل فى كل العصور.

arabstoday

GMT 02:38 2022 السبت ,20 آب / أغسطس

تونس... عهد دستوري جديد

GMT 06:08 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

الكويت... الخروج من الاستقطاب

GMT 03:07 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نهاية الأسبوع

GMT 04:13 2018 الأربعاء ,22 آب / أغسطس

ليبراليون أم ديمقراطيون؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللعب بالدستور لعب بالنار اللعب بالدستور لعب بالنار



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab