2017 السنة الأصعب

2017: السنة الأصعب

2017: السنة الأصعب

 العرب اليوم -

2017 السنة الأصعب

بقلم : عمرو الشوبكي

لن تكون مثل باقى السنين، ولن تكون عاما مثل باقى الأعوام، ولا سنة والسلام، إنما ستكون العام الأصعب منذ عقود، وستشهد ليس فقط أزمات متعددة الأوجه، إنما أيضا ستكون سنة مفصلية ومفترق طرق بين السير نحو فشل مدوٍّ، أو بداية- ولو متأخرة جدا- لاستفاقة اللحظات الأخيرة، التى تنقذ أحيانا بعض التلاميذ من رسوب مُحقَّق، بمراجعة استثنائية لا يحكمها الكبر ولا المشاعر والأهواء.

لماذا 2017 هى سنتنا الأصعب منذ عقود؟ لأن هناك جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية والدولية، التى ستنعكس تأثيراتها مباشرة على أوضاع مصر فى هذا العام الأصعب.

أبرز هذه العوامل هو الأزمة الاقتصادية، والحقيقة أن أزمة مصر الاقتصادية كبيرة وعميقة، ويمكن اختصارها فى نقص مواردها الإنتاجية، بسبب تراجع الاستثمار المحلى والأجنبى، وانهيار السياحة، وتحول مصر من بلد جاذب للاستثمار والسياحة إلى بلد طارد لهما.

علينا أن نُقِرّ بأن الخطاب السياسى المعتمد هو عكس الخطاب الاقتصادى المعتمد أيضا، ففى الأول تعتبر الدولة أو أطراف منها العالم متآمراً علينا، وأن هناك مؤامرة دولية، هدفها هدم الدولة وتخريب البلد، وفى نفس الوقت تطلب من هؤلاء المتآمرين الأجانب كل يوم أن يدعموك اقتصاديا، فيستثمروا عندك ويأتوا للسياحة أيضا، وتصورت الدولة أنها ستنجح فى الاقتصاد بحصار المجتمع السياسى وتقزيمه، وأيضا حصار المبادرات الأهلية والشعبية بقانون هو الأسوأ فى تاريخ العمل الأهلى والمدنى فى مصر.

اللغة السياسية المستخدمة، والحصار الأمنى لكل المبادرات، واستسهال تدخل الجيش فى كل مناحى الحياة، هى كلها أمور ستجعل وضعنا الاقتصادى أسوأ، وشكاوى رجال الصناعة والمال لن تكون فقط على صفحات الصحف، إنما بمزيد من الانسحاب وإغلاق للمصانع والأنشطة التجارية، فى ظل حالة استغناء نادرة من قِبَل الحكم عن الأغنياء والفقراء، ورجال الصناعة والمال، والعمال والفلاحين والموظفين.

فى حالات الأزمة الاقتصادية تحتاج الدولة إلى مبادرات المجتمع ونقاباته، وألف جمعية أهلية من العيار الثقيل بوزن بنك الطعام ومصر الخير ومؤسسة مجدى يعقوب وغيرها، تخفف الأعباء عن الدولة المأزومة، لا قانون جمعيات أهلية يدمر العمل الأهلى، فى الوقت الذى تقدمت فيه وزارة التضامن بمشروع قانون متوازن ومحترم، تم تجاهله لصالح قانون أمنى بامتياز.

حين تتأزم الأوضاع المعيشية والاقتصادية تحتاج الدولة لانفتاح سياسى وتقديرات عاقلة ورشيدة تُفرج عن المسجونين، الذين لم يكن لديهم أدنى علاقة بالعنف والإرهاب أو التحريض عليه، ومع ذلك بقوا سنوات خلف القضبان.

معادلة السياسة والاقتصاد فى أى بلد فى الكون لا تحتمل أزمات فى الاثنين معا، فعليك أن تبنى نظاما مثل نظام عبدالناصر يعبر عن الطبقات الكادحة ويلبى احتياجاتها الأساسية، ويعتبر أن عصر الديمقراطية الليبرالية لا يمثل أولوية، لأن فى عصره كانت دول العالم الثالث كلها تعطى الأولوية للتحرر من الاستعمار لا الديمقراطية (باستثناء الهند)، ودعمتها نظم شيوعية واشتراكية، تمثل ثلث الكرة الأرضية، وتتبنى أيضا نظام الحزب الواحد، وترفض الديمقراطية الليبرالية.

أما أن تكون الآن فى عالم اختفت منه الكتلة الاشتراكية، ويتحدث شماله وجنوبه عن الديمقراطية، وفى نفس الوقت يعتبرها الرئيس مؤجلة عشرين عاما، فى الوقت الذى تعيش البلاد فيه فى أزمة اقتصادية متفاقمة، فهذا أمر مرشح للانفجار فى أى لحظة، وصيغة لا تحمل أى إمكانية للاستمرار إلا بتعديل أحد أطراف المعادلة، أى نجاح فى الاقتصاد أو انفتاح فى السياسة أو الاثنين معا كما نطالب.

السياسة الضارة بالاقتصاد أثرت أيضا على ملف مواجهة الإرهاب، فالسؤال البديهى الذى يطرحه أى مجتمع يتعرض للإرهاب هو: لماذا هناك إرهابيون؟ قبل أن يهتف بالقصاص منهم.

والمؤكد أن مصر كما فى أى بلد لن تتصالح مع مَن حملوا السلاح وقتلوا أبناءها، إنما هى فى حاجة إلى أن تشتبك مع البيئة الاجتماعية التى أفرزت هؤلاء، وأن تفتح باب التوبة لمَن تأثروا بخطاب العنف، وربما كانوا جزءاً من مشروعه دون أن يتورطوا فى عمليات قتل. كل ذلك حدث حولنا، وفى كل التجارب التى اكتوت بنار الإرهاب، فمواجهته كانت بمبادرات سياسية تفصل الإرهابيين عن البيئة الحاضنة، فتتحاور مع الأهل والقبيلة، وتدحض الرؤية السياسية الخاطئة بخطاب سياسى مدنى وسلمى يحُول دون انضمام مزيد من الشباب لممارسة العنف والإرهاب. خطاب مصر السياسى، الذى يضر بالاقتصاد، ولا يواجه البيئة التى تفرز الإرهاب، والقبضة الأمنية التى تحاصر المجتمع بكل أطيافه، لن يبنيا بلدا مزدهرا مهما كانت الظروف، وأى حديث عن أن الجيش هو القطاع العام الجديد أمر غير صحيح، فالقطاع العام جزء من فلسفة نظام سياسى اشتراكى لم يعد موجودا الآن، ودور الجيش المقدر والمطلوب فى مجالات مدنية استراتيجية ليس مطلوبا فى تفاصيل الإدارة اليومية.

معضلة مصر ليست إجرائية- تتمثل فى تغيير وزير أو حكومة أو زيارة خارجية للرئيس أو سياسة جديدة لجذب السياحة غير معلن عنها (كما قال وزير السياحة)، ولا فى قوانين جديدة لجذب الاستثمار لم تَرَ النور- إنما هى فى الحقيقة فى صيغة حكم تحتاج إلى مراجعة عميقة، فكلام السياسة الرائج يضر بالاقتصاد، ولا يشجع على الاستثمار، وسيجعل 2017 هى السنة الأصعب، فى ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، وسوء أداء سياسى واضح.

المصدر: صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2017 السنة الأصعب 2017 السنة الأصعب



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 06:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 العرب اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab