محلك سر

محلك سر

محلك سر

 العرب اليوم -

محلك سر

بقلم : عمرو الشوبكي

هناك لغة تستخدمها نظم سياسية عديدة تؤكد أنها محلك سر، وإذا ظلت محلك سر فإن هذا معناه أنها تسير للخلف، لأن العالم من حولها يجرى للأمام بسرعة البرق وهى سعيدة بمحلك سر.

وللحفاظ على الوضع القائم فى بلد مثل مصر هناك دائما مبررات كثيرة، منها خطر الإرهاب والمؤامرات الدولية، وكلاهما يمثلان خطراً حقيقياً على أى بلد، بشرط أن يتم وضعهما فى إطارهما الصحيح ومواجهتهما أيضا بالأساليب الصحيحة.

ويقينا أن مصر حققت نجاحات فى حربها على الإرهاب وحاصرته فى سيناء ووجهت له ضربات موجعة دون أن تقضى عليه، أما نظريات المؤامرة التى باتت تحاصرنا من كل جانب فقد تحولت إلى عبء كامل على النظام السياسى وأثرت على شرعيته وقدرته على الإنجاز.

والحقيقة أن الحكم فى مصر لايزال من النظم القليلة التى توظف نظرية المؤامرة، ليس فقط فى السجال السياسى أو ابتزاز الخصوم والمنافسين على اعتبار أنهم متآمرون وينفذون أجندات خارجية، وهى أمور متكررة فى النظم غير الديمقراطية، ولكنها فى مصر تحولت إلى أداة لتغييب العقل والمنطق وجعلت أجهزة حكمها ومندوبيهم يستسهلون الحديث كل يوم عن نظريات المؤامرة، ليس فقط فى مواجهة الخصوم السياسيين، إنما لفرض حالة من الغيبوبة الكاملة التى تقضى على أى فرصة لنا فى التأثير فى البيئة الدولية.

فسقوط الطائرة الروسية وحظر سياحها للذهاب لمصر اعتبرناها مؤامرة دولية حتى لو جاءت من دولة حليفة، لا ثغرة أمنية تستوجب المراجعة والتصحيح، فالأسهل هو نظرية المؤامرة، ووقف استيراد القمح الروسى المحمل بنسبة من الإرجوت وتوابع تلك الخطوة بوقف استيراد الفواكه المصرية هو أيضا جزء من مؤامرة كونية على مصر وليس مشكلة فنية وسياسية يجب مناقشتها بشفافية.

ومع كل أزمة دولية أو تعثر اقتصادى أو غياب للسياحة وللاستثمار تصبح شماعة المؤامرة الدولية هى المفسر الوحيد، ولا نسمح حتى بمناقشة سوء الأداء الداخلى والتخبط والفوضى وغياب دولة القانون والشفافية.

والحقيقة أن العالم يتآمر فى أحيان كثيرة من أجل تحقيق مصالحه، وقد يتآمر علينا بالفعل بخطط معلنة، سواء بمشاريع استعمارية تقليدية كما جرى فى عصر التحرر الوطنى، أو بمشاريع الفوضى الخلاقة التى حاول أن يطبقها فى العراق بهدم الدولة وتفكيك الجيش وفشلت فشلا مدويا.

إن التسليم بنظرية المؤامرة على أنها قوة خارقة لا نعرف عنها شيئا ولا نستطيع أن نواجهها أمر يكرس ثقافة الاستسلام أمام مواجهة تحديات الخارج والداخل معا، فلو اهتممنا بمشكلاتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية وعرفنا أين هى العيوب والمثالب وأين نقاط التباين التى لا تحتاج إلى مؤامرة لأنها تمثل تعارضا طبيعيا فى الرؤى والمصالح، لكان حالنا أفضل بكثير مما نحن فيه.

والحقيقة أن أخطر ما تشهده مصر الآن هو تلك العودة البليدة لنظرية المؤامرة فى التعامل مع قضايا الخلاف الداخلى وضعف التأثير الخارجى، بدلا من الاشتباك مع الواقع والاعتراف بالأخطاء والمثالب والعمل على إصلاحها.

الطريقة التى نتحدث بها عن المؤامرة هى طريقة معطلة لأى تقدم، لأنها تقدم وصفة عجز واستسلام كامل أمام مواجهة أى مشكلة فى الداخل والخارج، خاصة بعد أن أصبح حديث المؤامرة يعكس رغبة فى كبت النقاش العام وعدم فهم قيمة التنوع والاجتهادات المختلفة داخل المجتمع المصرى، وطالما اعتبرنا النقد مؤامرة، وحق أى حزب فى الوصول للسلطة مؤامرة، والشباب متآمرا وأجندات، من أجل تجاهل مسؤوليات الحكم فى بناء دولة القانون وإصلاح المؤسسات فسنبقى محلك سر.... وملتحفين بحديث المؤامرة.

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محلك سر محلك سر



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 02:52 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 العرب اليوم - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab