مصر والاستيطان

مصر والاستيطان

مصر والاستيطان

 العرب اليوم -

مصر والاستيطان

بقلم : عمرو الشوبكي

أن تتقدم بمشروع قرار فى مجلس الأمن يدين سياسة أى دولة مؤثرة فى العالم أمر له حسابات خاصة، فما بالنا لو كانت الدولة المدللة والاستثناء من القانون الدولى، أى إسرائيل ؟! فهذا أمر يجب أن يكون محسوباً جيداً لأنه من غير المتصور أن تعمل على إدانتها دون أن تحسب التبعات الكثيرة التى ستترتب على قرار الإدانة إذا صدر من مجلس الأمن.

كانت مصر قد تقدمت بالفعل بقرار يدين الاستيطان الإسرائيلى، وبعدها تلقى الرئيس السيسى اتصالاً من نظيره الأمريكى ترامب، تردد أنه طلب منه أن تؤجل مصر تقديم هذا القرار حتى يتسنى لإدارته مباشرة مهام عملها يوم 20 يناير المقبل.

وفى حال صحة ذلك، يظل هذا الموقف تراجعا «غير محمود» وصادما لكثيرين حتى لو صوتت مصر لصالح القرار بعد أن قدمته دول أخرى وامتنعت أمريكا عن استخدام حق الفيتو.

والحقيقة أن التخبط المصرى فتح باب التكهنات والهجوم، وأرجعه البعض إلى أن الحسابات المصرية كانت من الأصل شكلية، فقد تصورت أن أمريكا ستستخدم حق الفيتو، وبالتالى لن يخرج القرار للنور وتكون بذلك سجلت «لقطة» لصالح القضية الفلسطينية لا تكلف أى تبعات.

أما الحسبة الثانية فهى تقول العكس، أى أن مصر كانت تعرف مسبقا أن أمريكا لن تستخدم هذه المرة حق الفيتو وأنها كانت ترغب أن تدعم الحق الفلسطينى مثلما فعلت مرات عديدة، ولكنها تعرضت لضغوط واردة فى السياسة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة التى قدمت لمصر تصورا مخالفا لتحركها أقنعتها به، خاصة مع حديث البعض عن وجود مؤشرات (التى لا نراها جدية) أنها ستكون أفضل فى علاقتها بمصر من إدارة أوباما، مما دفعها لتغيير موقفها والتراجع عن قرارها.

وتبدو هذه الحسبة فيها كثير من الوجاهة، خاصة أنه من الصعب قبول أن مصر لم تكن على علم باحتمال عدم استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو خاصة فى ظل تدهور العلاقة بين إدارة أوباما وإسرائيل، ورغبة الأول فى توجيه صفعة لنتنياهو حتى لو كانت رمزية.

والواقع أن أسوأ ما فى تراجع مصر عن مشروعها أنه خلط بين حسابات السياسة الضيقة والمتغيرة، وبين الموقف المبدئى والأخلاقى، فقرار ضد العنصرية أو ضد الاستيطان أو ضد دولة احتلال له مردود هائل على المجتمعات ويصنع صورة ذهنية عن البلد الذى يقف وراءه، وقد يعطيه مصداقية واحتراماً أمام العالم بسبب وقوفه مع الحق يستطيع أن يجنى ثماره السياسية والاقتصادية حتى مع الدول التى خالفته الرأى.

إن أسوأ شىء فى السياسة الخارجية أن تبدو متقلبا ومتخبطا وعاجزا عن أن تدافع عن موقفك فتفقد ثقة أصدقائك وحلفائك قبل خصومك.

أن تحسب مصر ثمن أن تقدم قرارا لإدانة الاستيطان الإسرائيلى أمر لن يختلف عليه أحد، وأن تقول إنها فى هذا التوقيت لا تقدر على تحمل تبعات قيادتها قراراً بالإدانة- أمر سيقبله الجميع إلا المزايدين، أما حين تقرر التقدم بمشروع قرار يدين الاستيطان فهذا معناه أن الطلقة خرجت ويجب ألا تعود لأن تراجعها مثلما حدث أساء لها وأظهرها فى مظهر تردد وضعف لا يليقان.

كل الحجج الخائبة من نوع: ما الذى سيفعله قرار مجلس الأمن بإسرائيل، الرد عليها: ولماذا فرحنا بأن أصبحنا أعضاء فى مجلس الأمن واعتبرناه انتصاراً؟!

التقدم بمشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلى والتراجع عنه خطيئة كبرى، وتخبط لا أعرف متى نتخلص منه.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والاستيطان مصر والاستيطان



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 العرب اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 20:28 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

أخطاء شائعة في تنظيف المرايا تُفسد بريقها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab