بقلم : عمرو الشوبكي
كيف يمكن أن تتحول دعوة أحمد عز للتفاؤل إلى معان للتشاؤم؟ الحقيقة أن القضية ليست فى مقال كتبه أو رأى قاله إنما فى محاولاته المستميتة للعب أدوار سياسية سواء بمحاولة ترشحه الفاشلة فى الانتخابات البرلمانية السابقة دون أى شعور بالمسؤولية عما جرى فى مصر منذ انتخابات 2010 المزورة وحتى الآن.
الدلالة الأهم فى إطلالة عز الجديدة أنها لم تثر نفس المعارضة التى واجهها وهو يقدم جمال مبارك باعتباره مفجر ثورة الشباب أو يعتبر تزوير الانتخابات وترشح أعضاء الحزب الوطنى فى مواجهة بعضهم البعض إنجازا وإبداعا إنما اعتبر الكثيرون أن الوضع الحالى أسوأ مما كان عليه الحال فى عهد مبارك، وتلك ربما الدلالة المثيرة للتشاؤم فى دعوة عز للتفاؤل.
إن وضع مصر السيئ قبل ثورة يناير وأوضاعها الأسوأ بعدها يجب أن يجعل النقاش الآن حول المستقبل وكيف نتجاوز المتوالية السابقة التى تجعلنا نتجه دائما نحو الأسوأ.
الحقيقة أن مصر أهدرت فرصتها التاريخية حين أهدرت عقب تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى 11 فبراير 2011 فرصة بناء مسار إصلاحى من داخل النظام، وفى تعثرها فى ترجمة أهداف ثورة يناير فى بديل إصلاحى لا ثورى يتظاهر كل يوم فى الشوارع ويحاصر الوزرات والمنشآت العامة حتى خلق بديلاً شعبياً كارهاً للثورة ولسيرتها، وينتظر المنقذ المخلص من خارج المشهد السياسى السائد.
نفس المنقذ انتظره الكثيرون عقب انتخابات 2010 المزورة والترتيب السرى لمشروع التوريث، فظهر تيار شعبى واسع يرى أن الحل فى تدخل الجيش للقضاء على مشروع التوريث، وظهرت كتابات تتحدث عن النواة الصلبة والقوة الثالثة كمنقذ للبلاد من شلة التوريث.
وبصرف النظر عن صحة أى من هذه المواقف إلا أن المؤكد أنه فى كل مرة يتدخل الجيش فى العملية السياسية (فى مصر وكثير من دول العالم) يسبقه فشل سياسى ومدنى بصرف النظر إذا كان هناك دور للجيش فى تعميقه أم لا.
والحقيقة أن كثيراً من الناس فى مصر راهنوا على الجيش فى مواجهة مشروع التوريث، ورفضوا أن يكون أول رئيس مدنى تنتخبه مصر بعد 4 رؤساء سابقين تورث إليه السلطة؟ وهذا ما جعل كثيرين يعتبرون أن دعم قادة الجيش لثورة يناير كان بالأساس من أجل إجهاض مشروع التوريث، ثم جاء حكم مرسى وروجت له الجماعة على أنه أول رئيس مدنى منتخب، فى حين لم يجد غالبية المعارضين لحكمه ومعهم غالبية المصريين إلا الجيش كمخلص ومنقذ من حكم الإخوان.
وبصرف النظر عن كون هذه الرهانات صحيحة أم خطأ، فإن ربط الحكم المدنى بالتوريث أو بالإخوان كلها عوامل جعلت فيتو الجيش مقبولا ولو بدرجات متفاوتة لدى قطاعات واسعة من المصريين.
يقينا كان الأفضل لمصر ألا تشهد ثورة لو كان فيها نخبة إصلاحية حقيقية نجحت فى أن تؤثر فى المسار السياسى فى عهد مبارك، ويقينا أيضا كان أفضل لمصر أن تتحول ثورة يناير إلى برنامج إصلاحى يقوده رموز من داخل الدولة القائمة وغير مسؤولين عن الفشل السياسى مثل عمرو موسى وأحمد شفيق وكمال الجنزورى وغيرهم كثيرون.
غياب الوسيط السياسى وحل الحزب الوطنى مسؤولية من أفشلوا تجربته وهو فى الحكم، ولم يعوا أن الشعب رقم أساسى فى أى معادلة حكم، وتعاملوا معه باستعلاء فج ولزقوا تهمة الفشل فى ثورة يناير، بدلا من تقديم نقد ذاتى لتجربتهم مثلما فعل البعض دون مكابرة، وهؤلاء فقط يمكن أن نعتبر كلامهم دعوة للتفاؤل لا التشاؤم.