حيوية الشعب التركى

حيوية الشعب التركى

حيوية الشعب التركى

 العرب اليوم -

حيوية الشعب التركى

بقلم : عمرو الشوبكي

الشعب التركى شعب كبير ذو تاريخ عريق، وتجربته السياسية هى واحدة من أكثر تجارب دول الشرق الأوسط ثراء وتنوعا، عانى مثل شعوب كثيرة من ويلات النظم الاستبدادية حتى استطاع أن يخطو خطوات نحو الديمقراطية باتت مهددة بسبب سلطوية أردوغان.

والحقيقة أن نجاح التجربة التركية المعاصرة يرجع أساسا للمبادئ العلمانية التى وضعها أتاتورك، فقد أسس نظاما حديثا غير ديمقراطى، ولكنه ظل محكوما بقواعد صارمة بما فيها حق الجيش فى التدخل وفق نص دستورى استمر لعقود.

والحقيقة أن النظام السياسى التركى تطور من خلال معادلة صراع بين تيار إسلامى ديمقراطى دخل اللعبة السياسية وخاض صراعا سلميا مع الدولة العلمانية، وكان من نتيجته تطور الإسلاميين والعلمانيين معا، أى أن الدولة العلمانية التركية انفتحت وتغيرت ولو جزئيا، والتيار الإسلامى تطور واعتبر نفسه تيارا «محافظا ديمقراطيا» وليس إسلاميا.

وكانت بدايات أردوغان مبشرة، فقد شهدت السنوات العشر الأولى من حكمة إصلاحات سياسية واسعة ونهضة اقتصادية وصناعية وزراعية كبيرة إلى أن أصابته غواية السلطة، وانتقل منذ ثلاث سنوات من رئيس وزراء وزعيم حزب كبير إلى رئيس جمهورية سلطوى يعتقل معارضيه ويغلق الصحف، ويقول كلاما فارغا بحق دول غربية يذكرك بالراحل القذافى، ويرجع المشاكل التى يواجهها إلى مؤامرات خارجية وداخلية مثلما يردد أى زعيم فاشل.

صيغة أردوغان مثلها مثل صيغة الحكم العسكرى وجدت مقاومة من الشعب التركى، وهى مؤشر على حيوية هذا الشعب ونضجه، ففى كل المرات التى تدخل فيها الجيش سياسيا (بنص دستورى) كانت هناك مقاومة واسعة للنظام الذى يؤسسه، فكانت هناك معارضة إسلامية ويسارية وليبرالية، وكان رجب طيب أردوغان وحزبه واحدا من عناصر المقاومة للحكم العسكرى.

المفارقة أن الرجل الذى قاوم استبداد العسكريين فى تركيا والتيارات العلمانية المتطرفة وغير الديمقراطية تحول بعد 12 عاما قضاها رئيسا للوزراء إلى حاكم مستبد يحاول أن يؤسس لنظام استبدادى جديد، ومع ذلك حافظ المجتمع التركى على قدرته على مقاومة هذه السلطة بوسائل سلمية مختلفة رغم القمع الذى تمارسه.

فقد أسقط الشعب التركى حزب أردوغان فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة وحصل على 40% من الأصوات فى المرة الأولى وفقد 10% من قوته، قبل أن يعيد أردوغان الانتخابات مرة أخرى ليتقدم الحزب ويحصل على 48% بعد «ألاعيب أردوغانية» هدد بها الشعب التركى بالفوضى وغياب الاستقرار وانهيار الاقتصاد.

وجاءت تجربة الاستفتاء الأخير لتعطى درسا آخر لأردوغان وتلقى بظلال قوية على مستقبل حكمه، فعلى عكس ما كان يتوقع بأن نتائج الاستفتاء ستكون الفوز فى حدود 60% جاء فوزه بنسبة تتجاوز بقليل 51%، بما يعنى وجود انقسام حقيقى وعميق داخل المجتمع التركى، وأن الرجل بعد أن كان لسان حال قطاع واسع من المظلومين أصبح صوت الظالمين والمستبدين.

فمهما كانت نجاحاته فى البداية، ومهما كانت طبيعة النظام السياسى والمجتمع التركى التى تحول دون أن يكون استبداد أردوغان مطابقا للاستبداد العربى، فمازالت فى تركيا انتخابات يفوز فيها الرئيس بـ53% من أصوات الناخبين وليس 90%، ويحصل حزب الرئيس على أقل من 50% من الأصوات، ويشارك فى معظم الانتخابات حوالى 85% من المواطنين، ويتظاهر الداعون للتصويت بـ«لا» على الاستفتاء الأخير دون اعتقال بجانب الداعين للتصويت بـ«نعم»، وتخرج فى النهاية نتيجة الاستفتاء تقريبا مثل الـBrexit البريطانى، فهذا دليل على حيوية الشعب التركى وقدرته على أن يضع حدودا للاستبداد مهما كان مصدره.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حيوية الشعب التركى حيوية الشعب التركى



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:20 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة
 العرب اليوم - 24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab