الفيوم والقانون المُغيَّب

الفيوم والقانون المُغيَّب

الفيوم والقانون المُغيَّب

 العرب اليوم -

الفيوم والقانون المُغيَّب

بقلم : عمرو الشوبكي

ما جرى فى جامعة الفيوم كاشف لأزمة أكبر، اسمها غياب القانون والعدالة، فالقضية لا علاقة لها بكلام صغير «ولَتّ وعجن»، أعقب الحادثة، بالقول إن مشاعر الأب- أو بالأحرى سلطته- هى التى دفعته إلى صفع موظفة أمن على وجهها، أو جلسات الصلح العرفى التى أقامها رئيس جامعة الفيوم، وضغط فيها على الموظفة لقبول الصلح مع نائب، يُفترض أنه نائب الشعب، وليس أى جهة أخرى.

المشهد البائس الذى تناقلته المواقع الإخبارية للحظة صفع نائب لموظفة أمن، أثناء قيامها بعملها فى جامعة الفيوم، دون أى حوار أو نقاش، مشهد صادم ومُهين، ويعكس نفسية نوعية من الناس ترعرعوا فى السنوات الأربع الأخيرة، وبرعاية «سامية» وحصانة عليا، حتى أصبحوا فوق الدولة والقانون، ويمكنهم القيام بأى جرم دون أدنى حساب.

قناعة طلاب جامعة الفيوم مثل كثيرين بأن القانون مُغيَّب بفعل فاعل هى ما جعل رد فعلهم أيضا خارج إطار القانون، فحطموا سيارة النائب، وهشّموا زجاجها، ولم ينتظروا حكومة ولا دولة، لأنهم توقعوا أن الموضوع سيُطبخ لصالح مَن فى يده السلطة، والحل فى أن يأخذ الناس حقهم بأيديهم، وهذا أسوأ ما يمكن أن يتعرض له مجتمع مثل مصر.

يقينا، رد فعل وزير التعليم العالى كان هو المشهد الإيجابى الوحيد فى هذه الصورة القاتمة، فقد رفض اعتذار النائب وطبخ الجامعة للواقعة، وطالب بإجراء تحقيق فورى مستقل، ومحاسبة النائب، بصرف النظر عما يمكن أن يصل إليه مسار هذا التحقيق.

واقعة الفيوم مؤسفة، وستمر مثل غيرها دون أن يتوقف أمام دلالتها أهل الحكم، فنحن أمام سطوة للسلطة من مؤسسة يُفترض أنها شعبية، وليست سيادية أو أمنية، أى أنها تستمد صلاحيتها وحصانتها من الشعب، من أجل مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها، لا اعتداء أحد أعضائها على الغلابة والبسطاء.

وحتى لو قال البعض إن هذه حادثة فردية، فإن المشكلة ليست فى كونها فردية أو متكررة، إنما فى طريقة معالجتها، فالطرف الأقوى هو الذى طوع الحادثة لصالحه، وغيَّب القانون والعدالة، ولنا أن نتصور لو حدث الموقف العكسى، وتعرض النائب لاعتداء من قِبَل موظفة بسيطة لكانت اليوم وراء القضبان، ولما سعى أحد لطبخ أى صلح معها.

دولة القانون تعنى عينا معصومة من أى هوى، وترسيخها فى نفوس الناس ليس بالأمر السهل، فهناك حالة من عدم الثقة بين مؤسسات الدولة وكثير من أبناء الشعب، وما تعرض له النائب من رد فعل من طلاب جامعيين يدل مرة أخرى على فقدان الثقة فى المسار القانونى والعدالة.

لقد كشفت حادثة الفيوم أن الجانى والمجنى عليه تحركا خارج إطار القانون، فلو كان النائب مقتنعا بأن موظفة الأمن أخطأت بالفعل، وأنه يمكن أن يصحح هذا الخطأ بالقانون لما صفعها بهذه الطريقة الهمجية، ولو شعر الطلاب بأنهم قادرون على أخذ حق الموظفة المُعتدَى عليها بالقانون لما حطموا سيارة النائب.

دولة القانون هى مسار سياسى وقانونى صعب يبدأ بالقدوة الحسنة وإرادة الدولة فى تطبيق القانون وأحكام القضاء على الجميع، دون تمييز ودون جهات أو شخصيات محصنة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيوم والقانون المُغيَّب الفيوم والقانون المُغيَّب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab