الطبعة الثانية من حُكم ترمب

الطبعة الثانية من حُكم ترمب

الطبعة الثانية من حُكم ترمب

 العرب اليوم -

الطبعة الثانية من حُكم ترمب

بقلم:عمرو الشوبكي

حكم الرئيس دونالد ترمب الولايات المتحدة مدة واحدة، من 2016 إلى 2020، وكانت مملوءة بالمشاكل والوعود غير الجدية، وأخطاء في الإدارة والحكم، أدت في النهاية إلى خسارته الانتخابات في 2020 أمام الرئيس بايدن. وجاء اقتحام أنصاره لـ«الكابيتول» احتجاجاً على نتيجة الانتخابات، ليعمق الانقسام داخل الولايات المتحدة.

وعقب فوز ترمب في الانتخابات الأخيرة، طُرح كثير من الأسئلة حول طبيعة أدائه، وهل يمكن القول إن الطبعة المنتظرة من حكمه ستختلف عن الطبعة الأولى؟ وفي أي اتجاه؟

الحقيقة أن الفارق بين ترمب «الأول» و«الثاني» يرجع أساساً لحصيلة خبرته في الحكم والمعارضة، وإن الطبعة الأولى من حكمه مثلت أقصى صور الجموح الشخصي في مواجهة مؤسسات الدولة، والخصوم السياسيين لرئيس جاء من خارج المشهد السياسي السائد. فهو ليس ابن جامعات النخبة والتعليم الرفيع مثل أوباما، ولا هو ابن المؤسسة الحزبية، ولا اكتسب خبرته السياسية من دهاليزها ومن رحلة برلمانية طويلة مثل بايدن، إنما هو ابن مؤسسات المال والتجارة، وجاء إلى الحكم وهو يقول إنه سينقذ البلاد من هيمنة النخبة السياسية والإعلامية، واشتبك مع القضاء والإدارة والخارجية والدفاع، وحتى المؤسسات الصحية أثناء جائحة «كورونا» لم يتركها لحالها، ودخل في مواجهات معها و«أفتى» في الطب والعلم.

وقد دخل ترمب في مواجهتين كبيرتين مع القضاء الأميركي: الأولى حين قرر منع دخول مواطني 7 دول «إسلامية» إلى أميركا، وهو القرار الذي عدَّله القضاء الأميركي، وعدَّه غير دستوري، وسمح بدخول حاملي بطاقات الإقامة الدائمة الأميركية، بعد مراجعة سفارات الولايات المتحدة، لإضافة إجراء أمني جديد. وهو ما دفع ترمب إلى القول إن هذا الحظر لا يستهدف المسلمين، ولا يتعلق بأي ديانة، إنما هو إجراء احترازي لحماية أمن وحدود البلاد.

أما المواجهة الثانية فكانت بعد إعلان فوز الرئيس بايدن في انتخابات 2020، وهنا ادَّعى ترمب أنه حدث تلاعب وتزوير في الانتخابات، وقام برفع 63 دعوى قضائية، يتهم فيها حكام عدد من الولايات الأميركية بالتلاعب في نتائج الانتخابات لصالح منافسه جو بايدن، وخسر جميع هذه الدعاوى بفضل حياد ومهنية القضاء الأميركي؛ سواء على مستوى الولايات أو حتى بالنسبة للمحكمة العليا التي فشل في الحصول على دعمها، رغم وجود أغلبية من القضاة المحافظين، ومنهم ثلاثة عينهم ترمب.

كما مارس ترمب ضغوطاً على وزارة العدل للطعن في نتيجة الانتخابات، ولم ينجح، على الرغم من أنها كانت جزءاً من إدارته، وهو الذي عيَّن وزيرها. كما دعا مستشاره للأمن القومي مايكل فلين إلى تعليق الدستور، وإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف عسكري، وهو بالطبع كان مجرد كلام لم يتبنَّه أحد يذكر، بمن فيهم الجمهوريون، وعدَّته مؤسسات الدولة كلاماً ليس إلا.

وعقب تأكد خسارته للانتخابات، انتقل ترمب إلى صفوف المعارضة، وتعرَّض لملاحقات قضائية واتهامات بالفساد، وأُدين في بعضها، ومع ذلك ظل صامداً ومُصِرّاً على خوض معركة الرئاسة، ونجح في أن يقدم نفسه لقطاعات واسعة من الرأي العام الأميركي على أنه ضحية مؤامرات الديمقراطيين وإدارة بايدن.

والملاحظ أن حملة ترمب تميزت هذه المرة بأنها كانت أكثر مؤسسية وانضباطاً، مقارنة بانتخابات 2016 و2020، وأنه اختار فريقه الرئاسي منذ فترة، وتمتع بالانسجام والتماسك، كما أن الرجل عرف كيف يستثمر الضعف النسبي لمنافسته كامالا هاريس التي بدت وكأنها ظل لرئيس ضعيف، وصوَّر نفسه على أنه «حبيب» الطبقات العاملة، وليس الرأسمالي المحتكر، فساق عربة قمامة، وارتدى زي العمال في مطعم «ماكدونالد»، وتبنى إجراءات متشددة في مواجهة الهجرة، وأعلن أنه سيطرد المهاجرين غير النظاميين من البلاد.

طبعة ترمب الجديدة ستكون -في أحد جوانبها- نتاج فشله في تطويع المؤسسات الأميركية لصالح خياراته الشخصية والسياسية؛ بل العكس الذي حصل؛ ليس بمعنى أن المؤسسات طوَّعت ترمب ومحت شخصيته، إنما هذبت كثيراً من جوانبها، وجعلته أكثر اعتدالاً، وقابلاً أن يحكم البلاد لأربع سنوات قادمة، وفق قواعد الدستور والقانون.

ترمب «الثاني» تيقن أن المؤسسات التي لم يؤمن بدورها وأهميتها انتصرت عليه. وبقيت أمامه ملفات خارجية أكثر صعوبة من ملفات الداخل. وربما تكون نرجسيته الشديدة، ورغبته في أن يترك «بصمة ما» في رحلته السياسية ستجعله يركز على ملف وقف الهجرة في الداخل. أما في الخارج، فرغم انحيازه المطلق لإسرائيل، فإنه سيكون حريصاً على أن يكون -هو وليس بايدن- من سيجلب وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وينهي الحرب الروسية- الأوكرانية، ولو على حساب الموقف الأوكراني التقليدي، وهي كلها أمور لم تكن لتحدث لولا أنه انتقل من حالة الرئيس الذي يعُدُّ نفسه مخلِّصاً ومنقذاً، إلى رئيس صاحب برنامج وتوجه ضمن برامج وتوجهات أخرى.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبعة الثانية من حُكم ترمب الطبعة الثانية من حُكم ترمب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab