الفساد منظومة
أخر الأخبار

الفساد منظومة

الفساد منظومة

 العرب اليوم -

الفساد منظومة

بقلم : عمرو الشوبكي

لم أفهم فى أى مرحلة من مراحل تطور نظمنا السياسية أن تكون محاربة الفساد بالقطعة أو حسب الأهواء والرضا السياسى، فكثيرا ما احتفظت الدولة «بملف فساد» لكل مسؤول لا يطلع إلا إذا غضبت عليه، أما إذا ظل مرضيا عنه فهو فى أمان ومحصن من أى ملاحقة قانونية.

والحقيقة أن الفساد فى مصر مثل بلدان كثيرة هو منظومة متكاملة، يستفيد منها الراشى والمرتشى، ويعيش عليها ملايين البشر، صحيح أن الأطراف والمؤسسات الأقوى تستفيد من الفساد أكثر من الأضعف، وهو دائما مؤشر على أنك تعيش فى بلد مأزوم غير قادر على التقدم، لأنه يميز بين الأفراد حسب رتبهم ووضعهم الاجتماعى، وبين المؤسسات ما إذا كانت محصنة أو «ملطشة».

صحيح أن محاربة الفساد فى المؤسسات الحاكمة والشخصيات القوية النافذة أمر ليس سهلا، ويجب أن يتم بشكل تدريجى ويحتاج إلى حنكة وإرادة سياسية إلا أنه لا بديل عنه لكى ينجح أى بلد فى محاربة الفساد بجد وليس بالشعارات.

وقد تغير الحال مع دخول الرقابة الإدارية ساحة مراقبة الفساد فى المؤسسات المدنية فقط دون غيرها واستثنت الشرطة من أى مراقبة أو محاسبة رغم أنها بحكم الدستور والقانون «هيئة مدنية»، ونجحت فى توجيه ضربات قوية لحالات فساد كثيرة داخل مؤسسات مدنية متعددة.

والسؤال المطروح فى هذه الحالة مركب: هل المساحة التى أعطيت للرقابة الإدارية فى محاربة الفاسدين ترجع إلى أن من يقودها لواء ومعظم أفرادها من خلفية عسكرية ومخابراتية، وأن الدعم الواسع الذى نالته من قبل الحكم حدث عكسه مع مؤسسة مدنية أخرى وهى الجهاز المركزى للمحاسبات الذى رأسه المستشار المقال هشام جنينة، وأصدرت تقريرا أكثر جرأة ومهنية من تقارير باقى الأجهزة الرقابية، وتحدث بشكل واضح عن منظومة الفساد ولم يميز بين مؤسسات على رأسها ريشة وأخرى عادية مثل باقى خلق الله؟

والمعروف أن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات مس مؤسسات سيادية، خاصة الداخلية، التى مازالت بمثابة صندوق أسود مغلق غير مسموح لأى جهة رقابية أو غير رقابية بأن تقترب منها، وبالتالى هو خروج عن الخطوط الحمراء التى جرى العرف وليس القانون على عدم التعرض لها.

إن الجهود الحالية فى «محاربة الفساد» انصبت على ملاحقة الفاسدين فى مؤسسات مدنية مختلفة، وشهدنا مؤخرا ما جرى فى وزارة الصحة ومحافظة الإسكندرية، حين قام رجال الرقابة الإدارية بالقبض على موظفين متهمين بالرشوة واختلاس ملايين الجنيهات وقبلهم تم توقيف عشرات الموظفين بعضهم وزراء (وزير الزراعة السابق) بتهم فساد مختلفة.

إن التحدى الحقيقى، الذى لا يلغى محاربة الفاسدين، هو وضع منظومة قانونية متكاملة لمحاربة الفساد وهى قضية بالطبع تتجاوز دور الرقابة الإدارية لتصل إلى دور المجتمع (المغيب) وباقى مؤسسات الدولة المدنية (الغائبة أيضا)، كما لا يجب أن تكون المؤسسات التى تحارب الفساد خارج أى نظام للمحاسبة والشفافية، وأن تبادر من تلقاء نفسها باستدعاء جهات تحقيق مستقلة فى حال وجود قضايا ملتبسة مستها أو تتعلق بعملها.

الفساد منظومة مثل الإرهاب، ونحن فى الحالتين نحارب الفاسدين والإرهابيين ولا نحارب المنظومة التى تنتج الفساد أو الإرهاب.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفساد منظومة الفساد منظومة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:31 2025 الأربعاء ,05 آذار/ مارس

طارق لطفي يكشف أسباب غيابه عن المهرجانات
 العرب اليوم - طارق لطفي يكشف أسباب غيابه عن المهرجانات

GMT 09:59 2025 الأربعاء ,05 آذار/ مارس

الميليشيات والشّرعيّات: استدامة مستحيلة

GMT 18:32 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

إلهام شاهين توضح أسباب فشلها في الإنتاج

GMT 06:33 2025 الأربعاء ,05 آذار/ مارس

إلى الفريق كامل الوزير!

GMT 02:08 2025 الأربعاء ,05 آذار/ مارس

زلزال يضرب ولاية سيدي بوزيد في تونس

GMT 10:35 2025 الأحد ,02 آذار/ مارس

حمادة هلال يتحدث عن الفن وأول أجر تقاضاه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab