بقلم - عمرو الشوبكي
قرار الإدارة الأمريكية بالاعتراف بشرعية المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية يمثل هدمًا كاملًا لقرارات الأمم المتحدة، ومعنى وقيمة القانون والشرعية الدولية.
والحقيقة أن قرار الإدارة الأمريكية بإضفاء شرعية على المستوطنات غير الشرعية يعتبر شرخًا حقيقيًا فى إيمان كثير من القوى المدنية فى داخل العالم العربى وخارجه بالقانون والشرعية الدولية، لأنها تؤمن بالعمل السياسى والشعبى، وأن حقوق الشعوب تستعاد بالضغوط الشعبية المدعومة بقرارات الأمم المتحدة، وليس بالعمل المسلح أو بالصواريخ العشوائية.
إن القرار الأمريكى يمثل امتدادًا لقرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، الذى عكس فشلًا عربيًا لأمة انشغلت فى صراعاتها الداخلية، حتى ضعف وزنها الدولى، وأصبح العالم غير مستعد للاستماع لأى حديث عن الصراع العربى الإسرائيلى، بعد أن شاهد صراعات عربية أكثر عنفًا ودموية، وأصبحت المجتمعات والنظم والميليشيات تشارك فى قتل بعضها البعض، دون أن تطلق جميعها طلقة واحدة على إسرائيل، بل وشهدنا صراعات دموية فى سوريا والعراق واليمن وليبيا لا مع إسرائيل، وقتل الإرهابيين التكفيريين المصلين فى المساجد والكنائس ولم يطلقوا طلقة شاردة على إسرائيل، حتى أصبحوا عنوانًا رئيسيًا للفشل فى العالم العربى، وواقعًا غير قادر على الفعل والبناء فى الداخل، والمواجهة فى الخارج، وعلينا ألا نتصور أن يأخذنا العالم بجدية طالما بقيت أحوالنا على ما هى عليه.
هل نستطيع أن نقول الآن إن إسرائيل فقط سبب مصائبنا؟ هل نستطيع أن نقول إن الاحتلال الإسرائيلى فقط هو الذى يرتكب جرائم بحق المدنيين، أم أن من يسمون أنفسهم عربًا قتلوا بأيديهم 300 ألف شخص فى سوريا، وشهدنا حربًا أهلية فى ليبيا واليمن، وشهدنا مذابح الإرهاب والإرهابيين فى كل بلد عربى؟.
فى العالم العربى، لدينا ميليشيات متحاربة فى دول غائبة، ولدينا محاولات على أصابع اليد لبلاد عربية نجحت فقط أن تقف على رجلها وامتلكت دولة وطنية راسخة وهامش حريات معقولًا، دون أن تستطيع أن تخرج من براثن التخلف إلى آفاق التقدم، إنما بقيت فقط واقفة على قدميها، دون أن تكون قادرة على قيادة أى حملة قانونية أو سياسية ضد الاحتلال الإسرائيلى والسياسات الأمريكية.
بكل أسف، لن يستطيع العرب وقف القرار الأمريكى الصادم بالاعتراف بشرعية المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، لأن السعودية، ومعها معظم الدول الخليجية، تعتبر إيران أكثر خطرًا من إسرائيل، وتبحث عن دعم ترامب فى مواجهة إيران، ومصر ترى أن الإرهاب فى سيناء أكثر خطورة على مستقبلها وأمنها من إسرائيل.
يقينًا من حق كل دولة أن ترتب أولويات أمنها، وفق ما ترى، لكن علينا جميعًا أن نعى أن احترام قرارات الشرعية الدولية هو أمر لصالح كل الدول الضعيفة وليس فقط فلسطين، وأن علينا التمسك بها للدفاع عن وجودنا ومستقبلنا.