بقلم:عمرو الشوبكي
طعن شاب سورى يدعى عيسى، ويبلغ من العمر ٢٦ عامًا، عددًا من المواطنين الألمان، فقتل ثلاثة منهم وسلم نفسه للشرطة وملابسه ويداه ملطخة بالدماء.
وأعلن الشاب أنه ينتمى لتنظيم داعش، وكرر الأسطوانة المشروخة أنه قام بهذه العملية انتقامًا للمسلمين فى غزة، وأصدر التنظيم بيانًا أعلن فيه مسؤوليته عن العملية، وأن هذا الشاب هو «أحد جنود دولة الخلافة».
واللافت أنه وصل إلى ألمانيا فى ديسمبر ٢٠٢٢، وتقدم بطلب لجوء فى مدينة «بيلفيلد»، وحصل على الحماية المؤقتة، وهى التى تُمنح للأشخاص الذين يفرون من مناطق حروب.
والحقيقة يصعب على أى تفكير سوى أن يتصور كيف يمكن لشخص أن يقدم على جريمة من هذا النوع تجاه مواطنين عزل فى بلد أعطاه الحماية من ويلات الحرب، إلا لو كان ينتمى لنمط تفكير مريض يتجاوز مسألة التطرف أو العنف الدينى الذى عرفه كثير من المجتمعات ومنها بالطبع مجتمعاتنا العربية.
ورغم أن ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية قبولًا للاجئين الأجانب، فقبلت مليون سورى وسعت لدمجهم فى المجتمع ومنظومة العمل الألمانية، كما أن غالبيتهم العظمى كانوا مثالًا يحتذى فى الجدية والعمل والاندماج فى المجتمع.
ومع ذلك فقد أثار هذا الحادث ردود فعل واسعة داخل النخب الألمانية الحاكمة، فقد صرح المستشار الألمانى أولاف شولتز بأن الحكومة تنوى اتخاذ مجموعة من الإجراءات للتأكد من عدم تكرار عمليات كهذه، منها ما يتعلق بمحاربة الهجرة غير النظامية، ومنها ما يتعلق بترحيل أى مجرم من المهاجرين الأجانب إلى سوريا وأفغانستان.
ولم يكتف شولتز بذلك، إنما قال إنه سيجرى تأسيس وحدة عمل مشتركة من الحكومة الفيدرالية والسلطات المحلية لتسريع خطوات ترحيل اللاجئين المرفوضة طلبات إقامتهم، وذلك بعد أن تبين أن منفذ العملية كان من المفترض أن يرحَّل العام الماضى إلى بلغاريا، ولكن السلطات الألمانية لم تعثر عليه يوم الترحيل ولم تحاول مرة جديدة.
والمعروف أن قوى كثيرة فى ألمانيا ومعظم الدول الأوروبية تطالب بوقف استقبال اللاجئين وترحيل المجرمين منهم. ولكن قانونًا لا يمكن لألمانيا حاليًا أن ترحل أشخاصًا إلى دول تصنفها «خطرة»، مثل سوريا وأفغانستان.
لقد فتحت هذه الحادثة مرة أخرى ملف الهجرة النظامية وغير النظامية فى ألمانيا وأوروبا وتصاعد بالطبع الخطاب الشعبوى والعنصرى بحق المهاجرين، وهو سلوك تلقائى يحدث فى أعقاب مثل هذه النوعية من الاعتداءات، حيث يكون التعميم على الجميع ومنطق «السيئة تعم والحسنة تخص» هو السائد.
من الصعب الاعتراض على مبدأ حق أى دولة فى ترحيل المهاجرين غير النظامين أو تقول كفى لن أستطيع أن أستقبل المزيد، ولكنها مطالبة بأن تحترم حقوق المهاجرين الشرعيين الملتزمين بالقوانين ولا تأخذهم نتيجة أسمائهم أو لون بشرتهم بجرائم ترتكبها قلة قليلة من أبناء جلدتهم.