بقلم : عمرو الشوبكي
خناقة «أوبر» مع التاكسى هى خناقة عالمية، فلا توجد دولة ظهر فيها هذا الوافد الجديد المسمى «أوبر» إلا واحتج سائقو التاكسى عليه وتظاهروا ضده، فمن جنيف إلى سان باولو، ومن باريس إلى القاهرة كان المشهد واحداً، رفْض سائقى التاكسى لـ«أوبر» ومقاضاته فى حالات كثيرة.
ومع ذلك نجح «أوبر» رغم الاحتجاج والقضايا المرفوعة عليه، ويبقى السؤال: ما الإيجابى هناك فى العلاقة بين هذا الوافد الجديد والتاكسى؟
الإجابة شهدتها فى باريس، الأسبوع الماضى، حين استقللت سيارة أجرة من مطار شارل ديجول متجها لأحد فنادق باريس، وفوجئت بأن العداد ثابت لا يتحرك على رقم 55 يورو، وهو أمر لم أعتده حين كنت أقرر أخذ سيارة تاكسى من المطار إلى وسط المدينة، فأنت أمام عداد يتحرك قد يصل فى بعض الأحيان إلى 70 يورو، ولكن فكرة العداد الثابت لم تمر علىَّ منذ أن ذهبت إلى فرنسا طالبا فى 1989 مستعملا الفرنك الفرنسى حتى استخدام اليورو منذ 1 يناير 2001، فالعداد يدور من أى مكان وإلى أى مكان.
سألت السائق، الذى كان عربيا، فى منتصف الطريق: لماذا لا يتحرك العداد «وللأسف لم أخرج كعربى من الأحكام المسبقة على أنفسنا، وتوقعت بسوء نية أن يكون السائق قد لعب فى العداد كما يجرى أحيانا عندنا»، فقال لى: هذا نظام جديد، فقد وضعت تعريفة محددة للمطار، وهى 55 يورو لكل المناطق الواقعة على يسار نهر السين، أما يمين النهر فحُدد بـ50 يورو، وقال لى إن ذلك بسبب المنافسة مع «أوبر» الذى قدم خدمة التوصيل من مطار شارل ديجول بـ46 يورو، وبالتالى لم يكن منطقيا أن نستمر فى تقديم خدمة توصيل المطار بتعريفة تتراوح بين 60 و70 يورو، وإنه بعد دراسة متأنية وصلنا لتلك التعريفة المحددة من وإلى المطار.
والحقيقة أن المنافسة فى ظل منظومة قانونية محددة أمر فى صالح المستهلك، فلا يوجد تاكسى فى بلد متقدم لا يستخدم العداد مثلما هو الحال فى مصر «تحسنت مؤخرا» أو يتمنى المواطنون قبول السائق أن يوصلهم لمكان قريب من المكان الذاهبين إليه، لأن السائق عندنا هو الذى يقرر ما إذا كان هذا المكان مناسبا له أم لا، وأن المنافسة بين الطرفين يجب أن تكون طريقا لتجاوز تلك المثالب.
لا يجب أن يستمر فى مصر عالمان أحدهما متقدم يمثله «أوبر»، والثانى «الغالب» يمثله التاكسى الأبيض والأسود، ولا يجب أن نحكم عليه بالتخلف ونتركه فريسة الشركات العالمية الكبرى، فلن ينافس بإمكاناته الضعيفة، فلابد أن نساعده بتطوير أدائه ومحاسبة المخطئين منه، مادمنا اتفقنا على أن من حق الأكثر قوة ومهنية أن يبقى فى السوق فلا نترك الضعيف.
سعدت بيوم الإجازة فى باريس قادما من مؤتمر فى هيلسنكى، وسعدت أكثر بمشاهدة فيلم جولييتا Juilieta للمخرج الإسبانى الكبير ألمودوفار Almodovar، وهو من أفضل الأفلام السينمائية التى شهدتها منذ أعوام، رغم أنى كنت أنوى مشاهدة الفيلم الإيرانى «البائع» للمخرج الإيرانى أصغر فرهدى، الذى حصل على جائزة فى مهرجان كان الأخيرة، ولم أجده فى دور العرض التى بحثت فيها، وهو أمر غريب أن يختفى فيلم حصل على جائزة من مهرجان فرنسى، وإن كان على الأرجح قد عُرض فى عدد محدود من دور العرض.
عدت من باريس بعد أن اكتشفت نمطا جديدا فى علاقة التاكسى بـ«أوبر»، وأيضا فيلما ساحرا ومتقنا لن تكون أمامه للأسف فرصة للعرض فى مصر.