بقلم - عمرو الشوبكي
اشتعل النقاش طوال الأسبوع الماضى حول عملية 7 أكتوبر، وهل أدت إلى إعادة طرح القضية الفلسطينية على الساحة العالمية وفضحت الجرائم الإسرائيلية، أم أن التضحيات الباهظة التى دفعها الشعب الفلسطينى، لم تؤد إلى تغيير معادلات القوى، وظلت إسرائيل سلطة احتلال تمارس القتل والإبادة الجماعية دون حساب؟.
والحقيقة؛ حان الوقت لنقل النقاش لمستوى آخر فقد حدثت 7 أكتوبر وكان لها تداعياتها وأصبح السؤال: كيف يمكن للعرب والفلسطينيين أن يستفيدوا من الواقع الذى خلفته حتى لو اختلفوا معها ولم يكونوا يتمنونها، فهى فى النهاية حدثت ودفع الشعب الفلسطينى- ولا يزال- ثمنها، وأصبح سؤال: ما العمل؟، هو الذى يجب أن يطرح حاليا.
الحقيقة؛ مطلوب تحرك سياسى من بعدين؛ الأول: توثيق الجرائم الإسرائيلية بغرض امتلاك ورقة ضغط جديدة على دولة الاحتلال تدفعها لتقديم تنازلات سياسية فى المستقبل المنظور، وقد تفتح الطريق أمام حل الدولتين، والثانى: إيجاد حل جذرى لمشكلة الانقسام بين فتح وحماس أو الحفاظ على الحد الأدنى من التنسيق بين الحركتين حتى لو كانت إسرائيل حريصة على استبعادهما معا.
فيما يتعلق بالبعد الأول؛ مطلوب توثيق الجرائم التى ارتكبت بحق الشعب الفلسطينى على مدار عام، فقد سقط 42 ألف شهيد ثلثهم من النساء والأطفال، وهناك حوالى 8 آلاف مفقود تحت الأنقاض، أى من المتوقع أن يكون عدد القتلى حوالى 50 ألفا، وهناك نحو 100 ألف مصاب، لتصبح بذلك الحرب فى غزة أكثر دموية من النزاعات فى كل من العراق وأوكرانيا وميانمار (بورما)، ولأن عدد القتلى يبلغ 2% من سكان القطاع وأن أى مقارنة بسيطة مع إسرائيل ستوضح أنه لو قُتل فى إسرائيل 2% من السكان لأصبح عدد القتلى 198 ألفًا.
ما بعد 7 أكتوبر يجب أن يهتم بتوثيق تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين باتوا يقولون بشكل علنى كلاما تحريضيًا وعنصريًا، فهم من قالوا إنه لا يوجد أبرياء فلسطينيون لأن العائلات تساند أبناءها، ولذلك يجوز معاقبتها أو أن الطفل الفلسطينى سيكبر ويصبح جنديًا، ولذلك «فلا يجب أن ترحمه».
ما بعد 7 أكتوبر يجب أن يشمل تحركا عربيا وعالما ثالثيا لمعالجة ضعف المؤسسات الدولية والعمل على إصلاحها، فقذ عجزت هذه المؤسسات عن ردع إسرائيل فلا جنوب إفريقيا نجحت فى ترجمة تحركها الشجاع والأخلاقى فى محكمة العدل الدولية إلى قرارات تحمى المدنيين، ولا القرار اليتيم الذى أصدره مجلس الأمن بوقف إنسانى للحرب طبق فعلا، ولم تعد المؤسسات الدولية قادرة على وقف الجرائم الإسرائيلية أو حتى إدانتها.
أما الانقسام الفلسطينى فقد صار مشكلة مستعصية عن الحل بالنسبة للجيل الحالى من القادة الفلسطينيين، ولكن سيأتى يوم قريب سيفرز الشعب الفلسطينى قيادات جديدة قادرة أساسا على المقاومة المدنية والسياسية والقانونية حتى تنتصر.