نخبة سياسيين استريحوا قليلاً

نخبة سياسيين.. استريحوا قليلاً

نخبة سياسيين.. استريحوا قليلاً

 العرب اليوم -

نخبة سياسيين استريحوا قليلاً

بقلم : عمرو الشوبكي

أزمات النظام السياسى كثيرة وقوته أيضا كبيرة، وتباين موقف المجتمع بين أغلبية مؤيدة وأقلية معارضة جعل حديث البعض عن التغيير الجماهيرى أمراً لا تدل عليه توازنات القوى الحالية.

والمؤكد أن هناك خطاباً رسمياً مسيطراً ومعه تيار واسع من المصريين يرى أن البلد ليس فى حاجة إلى سياسيين ونخبة ولا صحافة ولا إعلام «إلا المؤيد»، وأن المهم دعم الرئيس ومساعدته فى إنجاز خطته الطموحة فى تطوير البلاد، سواء بمواجهة العشوائيات، أو النجاح فى الحل السريع لمشكلة الكهرباء والطاقة، أو شبكة الطرق والجسور التى باتت تربط المدن المصرية المختلفة، وهى كلها إنجازات واضحة، ولكنها بالتأكيد لا تكفى ولا تقنع قطاعاً واسعاً من المعارضة اعتبر أن التنميتين السياسية والاقتصادية متداخلتان ولا يمكن فصلهما لتحقيق التقدم.

وفى وسط هذه الأجواء ظهر خطاب مؤيد لا علاقة له بالعلم ولا بالتقدم ولا بالنظم السياسية الحديثة بما فيها تلك الموجودة فى الدول النامية، حتى أصبحنا نشاهد استدعاء يوميا لنظرية المؤامرة، وظهور مواقع بأسماء أمنية مباشرة بدلا من أسماء أحزاب وتوجهات فكرية وسياسية، وبعض هؤلاء المؤيدين كان يمكنهم أن يكتبوا كلاما طبيعيا بدلا من الكلام الفارغ الذى يكتبونه لولا السياق السياسى الحالى الذى أخرج من كثيرين أسوأ ما فيهم.

صحيح هناك تيار مؤيد لديه مفردات سياسية ومبررات كثيرة منطقية لدعم النظام الحالى، فيكفى نظرة لأحوال المنطقة لنتأكد من أن الوضع فى مصر أفضل بكثير من بلدان عربية كثيرة، ويكفى متابعة واحدة لبيانات الإخوان الشامتة فى مصائب البلد وشهدائه، لنتأكد أن أى نظام مهما كانت الملاحظات عليه أفضل بكثير بالنسبة للأغلبية العظمى من المصريين من حكم الإخوان.

ويمكن القول مع بعض الحذر إن هناك حوالى ثلث المجتمع مؤيد عن قناعة، وهناك ثلث آخر مؤيد من أصحاب العقول الممسوحة ونظريات المؤامرة البلهاء وضحايا الأمية وانهيار التعليم، وهم وصفناهم أيضا فى مقال سابق بـ«الثلث المعطل»، لأنهم مستعدون أن يؤيدوا أى سلطة، وبعضهم مستعد أن يبيع نفسه لمَن يدفع فى أى انتخابات، ويمكن إذا استدعى الأمر أن يحملوا السلاح للقضاء على النخبة والنشطاء والسياسيين لصالح أى جهاز أو سلطة فى الحكم.

ومادام هناك ثلث مؤيد عن قناعة وآخر مؤيد عن غير قناعة «مع أى سلطة وأجهزة حكم»، فإن دور المعارضة بكل أطيافها، التى قد تُقدر بحوالى الثلث فى أى عملية تغيير، سيكون صعباً للغاية، وربما لا حاجة له.

والحقيقة أنه ليس مطلوبا أن تقول لسياسى أو ثائر لا تفعل شيئا، إنما المطلوب أن تقول له: «لا تُلقِ بنفسك فى التهلكة»، واسترح قليلا، وقم بدورك فى حده الأدنى، فإذا كنت عضوا فى حزب معارض فاستمر فيه، ولكن لا داعى لأن تتظاهر لأنك ستُسجن ولن تسأل عنك الجماهير، إنما بعض أصدقائك ورفاقك المخلصين، وإذا كنت ستتصور أن هناك ثورة حالمة أخرى مثل 25 يناير وأن المطلوب هو نزول الملايين إلى الشوارع لإسقاط النظام، فأنت مخطئ لأن اليوم الذى تنجح فيه فى إنزال 100 ألف شخص فهناك مَن سينجح فى إنزال مثلهم وربما أكثر فى مواجهتك، وأن البلطجية والمواطنين الشرفاء والمؤيدين عن حق وعن باطل على استعداد كما كانت البروفة أمام نقابة الصحفيين أن يفتكوا بأى ناشط أو سياسى يتظاهر «ضد البلد» أو يعارض ليعطل عجلة الإنتاج.

والحقيقة أن الجزء الأكبر من المؤيدين لديه قناعة بأن المعارضة فى ذلك الوقت خيانة مثلما أن هناك معارضين يعتبرون أن التأييد خيانة، وهى معادلة لم تكن موجودة فى عهد مبارك بهذه الحدة، فالمؤيدون كانوا جزءا من شبكات مصالح اقتصادية وأمنية، وبعضهم كان يقول كلاما ليبراليا وإصلاحيا «تجربة حسام بدراوى فى الحزب الوطنى الديمقراطى وغيره»، ولكن لم تكن لديهم هذه النظرة العقائدية التى نجدها الآن فى شعارات توظف المعانى الوطنية النبيلة إلى اتهامات وتخوين ونظريات مؤامرة.

فالمؤيدون فى عهد مبارك لم تكن لهم رسالة أيديولوجية، إنما كانت رسالة اليوم بيوم والبلد «ملصمة وماشية»، و«المعارضين خليهم يتسلوا لا يسجنوا»، والمعارضة كانت مشكلتها مع السلطة وليست مع المجتمع الذى اختار فيه مؤيدو مبارك الحياد والانكماش، وتحول البعض الآخر بكل سلاسة إلى ثوار بعد 25 يناير.

أما المعضلة الحالية فهى ليست فقط بين معارضين وسلطة، إنما أساسا بين أطراف المجتمع المختلفة، لأن الأخير اختار فى أغلبه ولأسباب مختلفة أن يؤيد النظام الحالى ويرى أنه قدم إنجازات اقتصادية كثيرة وحافظ على أمن مصر، وأن أى متظاهر هو خائن للبلد يستحق الحبس، وأى معارض هو مخرب ومتآمر لا يستحق أن يكون مصريا، وهناك طبعا ما هو أسوأ، وتردده أطراف من المعارضة بحق السلطة ومؤيديها.

والحقيقة أن الانقسام المجتمعى والشعبى ورفض السياسة والخوف منها جعل معادلات القوى الحالية لا تقول إن هناك دورا مطلوبا أو كبيرا للنخبة أو السياسيين، سواء فى العمل الحزبى خارج المقار، أو فى المظاهرات الشعبية أو فى تنظيم الاعتصامات، فهى كلها ستقمع وتخون بظهير شعبى، وأن على المعارضين التبشير بمبادئهم والدفاع عما يقتنعون به والانتظار والراحة قليلا، لأن المعادلات الحاكمة ستكون أساسا من داخل النظام ومدى قدرته على النجاح، وأن فشله لا قدر الله سيكون سريعا وصادما، ولأسباب تتعلق بأدائه الداخلى وخياراته، لا حجم معارضيه، ولا بسبب دور السياسيين أو الشباب الثورى.

ومادامت غالبية المجتمع مؤيدة فلا تتوقع أى تغيير شعبى، ومادامت مؤسسات الدولة تؤمن بالخيارات الحالية «طبيعى»، وترى أن أى طرح لرؤية أخرى هو خيانة للوطن «غير طبيعى»، فيقيناً هو ليس عصرك أيها السياسى النخبوى، وتصبح الراحة أفضل للجميع، خاصة فى شهر رمضان الكريم.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 03:03 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نخبة سياسيين استريحوا قليلاً نخبة سياسيين استريحوا قليلاً



نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - العرب اليوم

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025
 العرب اليوم - نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025

GMT 05:59 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق
 العرب اليوم - استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق

GMT 00:20 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك
 العرب اليوم - دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك

GMT 07:37 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

على رِسلك... ما بيننا أعظم من ذلك!

GMT 09:18 2024 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

السعودية قبل مائتي عامٍ

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

حصيلة قتلى إعصار “هيلين” ترتفع إلى 111 شخصًا

GMT 12:48 2024 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

عمرو دياب يتألق في حفله بمدينة العلا السعودية

GMT 07:35 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

اليوم التالي للمنطقة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab