بقلم : عمرو الشوبكي
بمجرد إعلان اسم الطبيب السعودى «طالب العبد المحسن» بأنه قام بالعملية الإرهابية فى مدنية «ماجديبورج» الألمانية وقتل ٤ أشخاص وأصاب حوالى ٢٠٠ حتى توقع الكثيرون أنه متطرف إسلامى قام بعمليته من أجل غزة أو نصرة القضية الفلسطينية، إلى أن اتضح العكس، وثبت أنه متطرف، ولكنه متطرف علمانى وملحد مُعادٍ للإسلام ويحرض عليه.
إن حجم الخلل فى نفسية مَن ارتكب جريمة ألمانيا الإرهابية مرعب ومؤلم، فهو يهاجم بلدًا استقبله كلاجئ منذ عام ٢٠٠٦ وأصبح يحمل إقامة دائمة به، وفجأة وتحت تأثير أفكاره المتطرفة وانحرافاته الفكرية اعتبر ألمانيا تؤيد الإسلاميين ولا تدافع عن حقوق الملحدين والمعارضين فى السعودية.
واللافت أن مجلة «دير شبيجل» الألمانية الشهيرة ذكرت أن الطبيب النفسى السعودى، البالغ من العمر خمسين عامًا، أظهر تعاطفه مع الحزب اليمينى المتطرف «حزب البديل من أجل ألمانيا»، وهو أمر له أكثر من دلالة.
إن قبول ألمانيا لتطرف هذا الطبيب لأنه مُعادٍ للإسلام، واعتبار أنه لا يمثل خطرًا على المجتمع مادام تطرفه مُعاديًا للمسلمين وليس الغرب، وقبله تبين أن «منبع الكراهية» واحد، وأنه يجب أن يُرفض ويُقاوَم بكل الوسائل، فلا يمكن أن نتسامح مع متطرف يكره المسلمين لأنك من ديانة أو ثقافة أو بلد آخر، وتقول الحمد لله تطرفه سيصيب المسلمين ولن يمسنا، فى حين أن ما جرى هو العكس، وأن التطرف العلمانى الملحد انقلب على مَن دعموه ولم يكن له حدود، واعتبر البلد الذى احتضنه متواطئًا مع الإسلام الذى يكرهه ويحرض عليه، وقرر أن ينتقم من أهله ويرتكب واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية ضد أبرياء وأثناء احتفال مسالم.
غض الطرف عن تطرف علمانى وخطاب تحريض وكراهية لأنه ضد المسلمين خطر كبير لأن «منبع الكراهية» يجب أن يجفَّف ويواجَه مهما كان لونه أو توجهه، تمامًا مثلما يجب على كل عربى أو نصير للقضية الفلسطينية أن يواجه أى فكر متطرف يبرر الإرهاب ضد مواطنين أبرياء فى الغرب تحت حجج فارغة «دعهم يذوقون ما يجرى لأهل غزة» وكأن المدنيين الأبرياء فى أى بلد هم الذين يحاربون فى غزة، حتى لو كانت حكوماتهم مسؤولة، فإن كل حكومات العالم، بما فيها العربية، مسؤولة عن تلك الجرائم، وهو لا يعنى بأى حال الانتقام من الشعوب.
يجب عدم تبرير التطرف والإرهاب، حتى لو ادَّعَى الدفاع عن قضايا عادلة، ويجب إدانته سواء دافع عن قضايا نراها غير عادلة أو ضدنا، أو تبنى قضايا نراها عادلة، ويبقى من الخطأ الفادح أن يُحمل البعض الإسلام والمسلمين مسؤولية عملية ألمانيا لمجرد أن مَن ارتكبها يحمل اسمًا مسلمًا، وينسى أنه ابن البيئة والأفكار الغربية المتطرفة، وكان يجب مواجهته، لا تركه لأن كراهيته ضد الإسلام.