بقلم : عمرو الشوبكي
تعليقات الكثيرين على حكم المحكمة الدستورية العليا بخصوص تعديل قانون الإيجار القديم مستمرة، ورغم أن غالبيتها أيدت تعديل القانون الحالى ورفع القيمة الإيجارية، ولكنهم فى نفس الوقت تحفظوا على إعطاء المالك حق طرد المستأجر الأصلى الذى يعيش منذ سنوات طويلة فى العقار.
وقد اخترت هاتين الرسالتين لعرضهما على القارئ الكريم: الأولى من الدكتور أحمد أبوشادى وجاء فيها:
تحية طيبة ووافر التمنيات وبعد
فى النقاش المحتدم بين التبسيط والتسطيح حول قانون الإيجارات القديم يجرى تغييب مسؤولية الحكومة المزدوجة عن الأزمة، مسؤوليتها عن إصدار قانون مجحف، فى ظاهره رحمة وفى باطنه الدمار، فقد أطاح القانون بالاستقرار القائم وقتها فى قطاع الإسكان، دون دراسة للنتائج الوخيمة على المجتمع ودون وعى العقول الاقتصادية الحاكمة فى ذلك الزمن بتداعياته.
يعرف الاقتصاديون تمام المعرفة أن تدمير جانب من اقتصاد البلد يبدأ بتجميد أصل أساسى من ثروتها وهو ما حدث بتجميد الإيجارات عند قيمة محددة ولم تتغير منذ عقود، والنتيجة الدمار!.
أما الجانب الأخطر لقرار تجميد الإيجارات فهو انهيار الدخول، واتساع الهوة بين الأجور وتكلفة المعيشة، ذلك لأن تكلفة السكن تمثل ٥٠٪ من الدخل الشهرى فى المتوسط، وأدى تجميد الإيجارات إلى تشوهات كبيرة فى احتساب غلاء المعيشة، مما أدى إلى اتساع تدريجى فى الهوة بين الأجر وتكلفة المعيشة وصل إلى درجة الانهيار فى المرتبات التى يعانى منها المجتمع حاليًا.
تسطيح المشكلة وتصويرها على أنها مشكلة إنسانية جريمة، واستمرار تجاهل الأسس العلمية الاقتصادية لتجميد الإيجارات كل هذه المدة وعدم العمل على تغييرها سيفاقم آثارها السلبية وخاصة مع أى محاولة للتسويف والتسطيح.
أما الرسالة الثانية فجاءت من الأستاذ محمد عمرو وتضمنت:
لاشك أن تثبيت قيمة الإيجار لأصل عقارى قيمته السوقية فى صعود دائم ومعدلات العائد على استثماره ترتفع مع مرور الزمن فيه إجحاف وغبن لمالك هذا الأصل، ومن هنا تأتى أهمية حكم المحكمة الدستورية الأخير فى هذا الشأن، ولكن مسألة التطبيق والمعالجة هى التى سوف يعترضها بعض التحديات والتوازنات التى يجب التصدى لها بحكمة ودون تعجل خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، ومن ثم أقترح أن تكون عملية المعالجة قائمة على فترة انتقالية لا تقل عن عشر سنوات تزداد فيها القيمة الإيجارية سنوياً وبنسب معقولة إلى أن يتم تحرير القيمة بالكامل وخضوعها لآليات السوق فى نهاية هذه الفترة، كما يجب على الدولة خلق آليات من بينها تخصيص دعم مالى للفئات الفقيرة كى تقدر على تحمل فاتورة إصلاح هذه الأوضاع الموروثة منذ سنوات.
سيبقى التحفظ من جانبنا على تحرير القيمة الإيجارية بعد أى فترة زمنية فى حياة المستأجر الأصلى، إنما يجب رفعها بنسبة معقولة وزيادتها كل عام حوالى ٥٪ مثلًا.