هل مطلوب التواصل بين المعتدلين والممانعين

هل مطلوب التواصل بين المعتدلين والممانعين؟

هل مطلوب التواصل بين المعتدلين والممانعين؟

 العرب اليوم -

هل مطلوب التواصل بين المعتدلين والممانعين

بقلم:عمرو الشوبكي

في عالمنا العربي والشرق الأوسط هناك انقسام ممتد بين تيار التسوية السلمية والاعتدال، وتيار المقاومة المسلحة والممانعة، وظهر هذا الانقسام بشكل واضح عقب عملية «7 أكتوبر»، وحتى مواجهات «حزب الله» مع إسرائيل.

ويرجع مشروع الممانعة لعقود طويلة سابقة، وتحديداً منذ أن وقّع الرئيس السادات على معاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل، فظهرت جبهة الصمود والتصدي التي ضمت 5 دول، أبرزها نظاما البعث في العراق وسوريا اللذان حاربا بعضهما في مواجهة بعض، ولم يحاربا إسرائيل، وسرعان ما تفكّكت هذه الجبهة، وانتقلت «منظمة التحرير الفلسطينية» من محور الصمود والتصدي إلى الاعتدال، ودخلت في مسار التسوية السلمية عقب توقيعها على «اتفاق أوسلو» في 1993 الذي كان يُفترض أن يؤدي إلى بناء دولة فلسطينية، قضت عليه حكومة شارون ببناء المستوطنات، وحصار السلطة الفلسطينية، وتفريغها من قيادتها، والإنهاء الفعلي والتدريجي لفرص التسوية السلمية.

وبعيداً عن «الأداء العاجز» لنظم الصمود والتصدي التي واجهت السادات، وانعدام كفاءتها، وضعف الشرعية السياسية لأغلب نُظمها، إلا أن مشروع الاعتدال امتلك «إنجازاً» على الأرض، تمثّل في استعادة مصر لأرضها المحتلة، حتى لو كان هناك تيار في مصر والعالم العربي يَعدّ «كامب ديفيد» صلحاً منفرداً أخرج مصر من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي (خرجت منه تباعاً كل الدول العربية).

لم تقدّم «اتفاقية كامب ديفيد» حلاً للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وشهدت الأراضي المحتلة انتفاضة الحجارة الشعبية والمدنية في 1987، ونالت تعاطفاً عالمياً غير مسبوق، وفتحت مساراً سياسياً أسفر عن التوقيع على «اتفاق أوسلو» في 1993 الذي سمح بعودة «منظمة التحرير» إلى قطاع غزة والضفة الغربية، ووعد بتحويل الحكم الذاتي الذي ناله الفلسطينيون في مناطق (أ) و(ب) إلى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وقد فتح هذا المسار الطريق أمام تصاعُد تأثير تيار الاعتدال العربي والفلسطيني، وتراجُع قوى الممانعة العربية، حتى اختفت تقريباً، ثم تبلورت في صورة جديدة أكثر كفاءةً (بالمعنى النسبي) مع إيران، وعدد من التنظيمات المسلحة. لم يلغِ مسار التسوية السلمية والاعتدال قوى الممانعة، إنما امتلك حاضنة شعبية كبيرة مؤيدة للتسوية السلمية، في نفس الوقت تبلورت حركة «حماس» بصفتها تنظيماً ممانعاً، ورفضت «اتفاق أوسلو»، ولكنها استفادت منه بأن عادت إلى الأراضي الفلسطينية، ووسّعت من دائرة نشاطها وقوّت جناحها المسلح، ودخلت في مواجهات دامية مع حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية، حتى سيطرت بالقوة المسلحة على قطاع غزة في 2007، وطردت السلطة ومؤسساتها منها.

والحقيقة أن الانقسام بين المعتدلين والممانعين كان دائماً بسبب مشاريع حقيقية يقوم بها تيار الاعتدال، حتى لو لم تكن محل اتفاق، إنما كانت هي دون غيرها التي تخلق واقعاً جديداً واجهَته قوى الممانعة.

وبصرف النظر عن سلبيات كثيرة في أداء قوى الاعتدال، ومنها ما أصاب السلطة الفلسطينية من ترهّل وسوء أداء، إلا أن مسؤولية سلطة الاحتلال عن جوانب كثيرة من هذه السلبيات مؤكّدة، فقد حاصرت المنظمة وقائدها ياسر عرفات حتى رحيله، وتملّصت من كل الالتزامات التي تضمّنها «اتفاق أوسلو»، وقضت بالاستيطان والقمع على حل الدولتين.

لقد قدّمت نُظم وقوى الاعتدال مشاريع ملموسة، كان لها تجليات على الأرض، سواءً في مصر باستعادة سيناء، أو في فلسطين بإدارة ذاتية لجانب من الأراضي الفلسطينية، في حين أن المشهد الحالي يقول إنه لا يوجد شيء يُذكَر يمكن أن تقدّمه قوى الاعتدال للشعب الفلسطيني، فقد رفضت إسرائيل في خطابها العلني وممارساتها اليومية حل الدولتين وأي تسوية سلمية، ولم تواجه تنظيم «حماس» أو «حزب الله» فقط، إنما مارست الإبادة الجماعية في غزة دون حساب، وقتلت نحو 2100 لبناني دون ردْع، وبات أمراً مُقلِقاً وحزيناً أن يكون مقابل هزيمة تنظيمات المقاومة المسلحة هو «لا شيء»، أو «لا بديل»، أو الفراغ الكامل لصالح قوة باطشة تعيد للأذهان ما عرفه العالم في حروب القرن الماضي. لقد سبق ودخلت آلة الحرب الإسرائيلية في حروب قاسية مع دول عربية وفصائل مسلحة، ولكنها قبلت أن تتواصل مع المعتدلين، بل وقدَّمت ما عَدّته تنازلات لهم، سواءً بالنسبة للرئيس السادات أو السلطة الفلسطينية، أما حالياً فإن القوة الإسرائيلية الباطشة لا تقدّم أي تنازل يحقّق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.

إن حدود التواصل بين تيارَي الاعتدال والممانعة لن يلغي التباين العميق بينهما، إنما يعني أن مشكلة التطرف الإسرائيلي تؤسّس لدولة محصّنة فوق القانون والشرعية الدولية، وباتت تمثّل خطراً حقيقياً على الجميع، وتُصدّر طاقة عنصرية وكراهية ضد العرب، وضد كل من يخالفها في التوجهات، ليس لأنهم ممانعون أو متشددون، إنما بسبب هويتهم أو لون بشرتهم، أو لأنهم لم يتجرّدوا من إنسانيتهم أمام هول ما يجري في غزة ولبنان.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل مطلوب التواصل بين المعتدلين والممانعين هل مطلوب التواصل بين المعتدلين والممانعين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab