بقلم - عمرو الشوبكي
قد تكون هى الهدنة الوحيدة التى احترمتها قوات الجيش والدعم السريع، واستمرت ٢٤ ساعة شاهدنا فيها نزول السودانيين إلى الشوارع لقضاء حاجتهم الأساسية بعد معاناة الأسابيع الماضية.
وقد انتهت الهدنة صباح أمس وبعدها بقليل اشتعل القتال مرة أخرى فى الخرطوم بحرى وأم درمان، وقصفت طائرات الجيش مواقع تمركز قوات الدعم السريع فى حين انتشرت الأخيرة فى العديد من أحياء العاصمة، وعاد القتال مرة أخرى.
والحقيقة أن الفارق الأساسى بين هذه الهدنة وباقى الهدن السابقة هو تفعيل مرصد للمراقبة سُمى بـ«مرصد الصراع فى السودان» لرصد أى انتهاك يقوم به أى من أطراف الصراع على الأرض.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أكدت، أمس الأول، فى بيان رسمى، أن وقف إطلاق النار سيراقب عبر الأقمار الصناعية، وأنها تدعم منصة يطلق عليها مرصد السودان لنشر نتائج عمليات المراقبة هذه من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى أبناء الشعب السودانى والعمل على تثبيت وقف كامل لإطلاق النار.
وقد رصدت الأقمار الصناعية عبر هذا المرصد، فى توثيق بالصور، تدميرًا «واسع النطاق وموجهًا» لمنشآت المياه والكهرباء والاتصالات خلال الأيام الماضية، كما وثقت أيضا هجمات «ممنهجة» على ممتلكات، وتدمير قرى فى دارفور شملت مدارس ومساجد وغيرها من المبانى العامة، خاصة فى مدينة الجنينة فى غرب البلاد وسط انقطاع للاتصالات.
وقد أشار المرصد أيضًا إلى أن كلًا من القوات المسلحة السودانية والدعم السريع مع القوات شبه العسكرية المتحالفة معها ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق لإعلان جدة، والذى سبق أن وقّع عليه الطرفان فى 20 مايو الماضى.
وقد اعتمد هذا المرصد على نظام «PlanetScape Ai» الذى يقدم صورًا عبر الأقمار الصناعية شديدة الدقة، كما أنه يستخدم أجهزة استشعار حرارية.
يقينًا أن وجود آليه للمراقبة والرصد فى السودان لعب دورًا أساسيًا فى احترام هدنة الـ٢٤ ساعة الأخيرة، وأن هذه الخطوة يجب أن تعقبها خطوتان مهمتان تعززان الأدوات الدولية المستخدمة من أجل وقف الصراع فى السودان: الأولى تعزيز وجود المراقبين الدوليين على الأرض، والثانية: امتلاك آليه عقاب دولى بدون أى تحيزات لمن يخترقون الهدن ولا يلتزمون بوقف إطلاق النار.
على الدول التى تسعى لتثبيت وقف إطلاق النار، خاصة الولايات المتحدة والسعودية، راعيى اتفاق جدة، أن ينظرا بجدية للأسباب التى أدت لاحترام وقف إطلاق النار القصير، وكانت أساسًا بفضل وجود آليه مراقبة متمثلة فى «مرصد الصراع»، وأن يستثمرا النجاح المحدود الذى تحقق بفضل توثيق الانتهاكات والخروقات، وهو ما اضطر الطرفين لاحترام هذه الهدنة القصيرة.
الاشتباكات الدامية التى أعقبت هدنة الـ٢٤ ساعة تقول إن الحل فى السودان ليس سهلًا، وإن البداية ستكون فى تثبيت وقف إطلاق النار عبر آليه مراقبة ومحاسبة دولية صارمة