مصر وأوكرانيا

مصر وأوكرانيا

مصر وأوكرانيا

 العرب اليوم -

مصر وأوكرانيا

عمرو الشوبكي

اعتبر البعض، وتحديداً جماعة الإخوان، أن الغرب تعامل مع الموضوعين الأوكرانى والمصرى بمعيارين مزدوجين، فقد دعم المعارضة فى الأول دعماً غير محدود وضغط على الرئيس الهارب لكى يترك السلطة، وهو ما لم يفعله فى مصر حين تخلى عن المعارضة الإخوانية و«الحكم الشرعى»، رغم أنه لم يدعم المسار الحالى، ولكنه فى نفس الوقت دعم الإخوان بدرجة أقل بكثير من دعمه لمعارضى أوكرانيا. والحقيقة أن دعم المعارضة فى أوكرانيا لم يكن فقط وربما أساساً دعماً للديمقراطية، إنما دعم لرجال أوروبا أو أنصارها فى أوكرانيا، مثلما عنونت معظم الصحف الأوروبية، على مدار الأيام الماضية، حين تحدثت عن دماء أنصار أوروبا التى سالت وأدانت بشكل قاطع أخطاء السلطة. والحقيقة أن هناك فارقاً ثقافياً واجتماعياً كبيراً بين مصر وأوكرانيا يجعل مسألة المقارنة بين التجربتين بعيدة إلى حد كبير، إلا ربما من زاوية واحدة تتعلق بطريقة تعامل القوى الخارجية مع التفاعلات الداخلية فى كلا البلدين، فأوكرانيا كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى وليست فقط حليفا (مثل مصر فى الستينيات)، وحصلت على استقلالها فى عام 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفيتى، وظلت أسيرة معادلة إقليمية ودولية طرفاها روسيا والاتحاد الأوروبى، ومن خلفه أمريكا. فقد دعمت روسيا الرئيس الحالى (الهارب منذ أمس الأول)، واعتبرته امتدادا لها، فى حين دعمت أوروبا بشكل مباشر وفج المعارضة الأوكرانية. والواضح أن حجم التدخل الأوروبى والأمريكى فى مصر يختلف عن أوكرانيا، فرغم إلحاح الإخوان فى طلب التدخل والدعم الخارجى، فإن عدم وجود دعم غربى على الطريقة الأوكرانية فى مصر يعود إلى عدم اهتمام أوروبا وأمريكا بالشأن المصرى بالدرجة التى يتصورها البعض، فأوكرانيا الأوروبية يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة، وفيها ثانى أقوى جيش بعد روسيا بين دول الاتحاد السوفيتى السابق، ويرغب قطاع غالب من سكانها فى أن ينضموا للاتحاد الأوروبى المرتبطين به ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، وليس كما الحال فى مصر، حيث يوجد بعض المثقفين وقلة من النخبة والنشطاء مندوبون للغرب، أما جماعة الإخوان فهى تمارس تحريضاً ضد مصر، دولة وشعباً، وتنسى أو تتناسى أنها تتناقض عقائديا وفكريا مع أوروبا، وبالتالى فإن دعم الأخير لها سيكون فى إطار حسابات السياسة، ولن يعتبرها بأى حال جزءا منه ثقافيا أو سياسيا. دعم أوروبا لأوكرانيا بهذا الشكل المباشر ومساعدتها على أن تنتصر على رئيسها «الروسى» الانتماء، هو أيضا رهان على تحويل مسار بلد من حليف لروسيا إلى جزء من الاتحاد الأوروبى، مثلما جرى مع أوروبا الشرقية حين دعمت أوروبا مسار التحول الديمقراطى، وربما صنعته فى بعض التجارب، فى حين أنها تفرجت عليه فى مصر وغير معنية حتى بتقديم دعم حقيقى لإصلاح مؤسساتها مثلما فعلت فى تجارب حلفائها. سقوط فيكتور يانكوفيتش فى أوكرانيا هو سقوط لرجل روسيا المعادى لأوروبا، ولكنه يمثل رسالة لأى مشروع سياسى خارج الإملاءات الأوروبية والأمريكية بأنه سيكون مهدداً أكثر من غيره، وبالتالى هو مطالب بألا يكرر تجارب فاشلة حولنا نالت دعماً روسياً مباشراً، مثل بشار الأسد والرئيس الأوكرانى وفشلت فشلاً ذريعاً. أوروبا وأمريكا بعيداً عن مبالغتنا تركتا لنا هامش حركة يرجع إلى عدم اهتمامهما بنا، وأحيانا استعلائهما علينا، لأنهما تريان ضمنا أو صراحة أننا أمم مازالت بالمعنى الثقافى والاجتماعى بعيدة عن قيم ومبادئ الديمقراطية. هذا الهامش من حرية الحركة النسبية يجعل أمامنا تحديين رئيسيين: أن نبنى نموذجا ناجحا اقتصاديا وسياسيا يعرف منذ البداية أنه مستهدف أكثر من غيره لأنه خارج الصناعة الغربية، وأن نعرف أن قدرنا محكوم بقوانا الداخلية وبقدرتنا على التوافق وبناء مشروع سياسى ديمقراطى، لأنه لن يعنى فى حال نجاحه أو فشله أننا سنكون تحت أى ظرف جزءاً من الاتحاد الأوروبى.

arabstoday

GMT 07:02 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 06:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 06:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 06:55 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 06:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 06:53 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وأوكرانيا مصر وأوكرانيا



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab