المعضلة الليبية ليست فقط داعش

المعضلة الليبية ليست فقط داعش

المعضلة الليبية ليست فقط داعش

 العرب اليوم -

المعضلة الليبية ليست فقط داعش

بقلم : عمرو الشوبكي

تعانى ليبيا من سيطرة تنظيم داعش على مناطق كثيرة، حتى إنه مثل تهديدا حقيقيا لمشروع إعادة بناء الدولة الوطنية فى ليبيا، وأيضا لدول الجوار العربى، خاصة مصر وتونس، وأيضا يمثل خطرا على أوروبا القابعة فى شمال «الأبيض المتوسط».

وقد شهدت ليبيا منذ سقوط القذافى محاولات كثيرة لمواجهة التنظيم الإرهابى فشلت بسبب غياب الدولة وانقسام الفصائل المسلحة التى حاولت محاربته، إلى أن تبلور مشروعان فى سياقين مختلفين حاربا داعش دون أن ينتصرا عليه، وفى نفس الوقت اختلفا فيما بينهما: الأول هو مشروع الجيش الوطنى بقيادة الفريق خليفة حفتر، والثانى مشروع حكومة الوفاق الوطنى بقيادة فايز السراج.

والحقيقة أن مشروع حفتر هو صناعة محلية بالكامل، فهو خليط من صورة محسنة للقذافى مع صورة العسكرى البطل الذى يقاتل الأعداء والإرهابيين، واعتبره البعض الطبعة الليبية من تجربة السيسى فى مصر، وهو الذى قال، فى حديث نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية منذ عامين: «إن القاسم المشترك بين ما يجرى فى مصر وليبيا أن الخصم واحد، ألا وهو الإخوان، الداء والمرض الخبيث، وإن الاختلاف بين البلدين يكمن فى أن النظام فى ليبيا منهار تماما، حيث إن الجيش والشرطة مفككان، وهذه الجماعات تعلن جهارا نهارا أنها لا تريد بناء الجيش والشرطة، وإنما فقط تطبيق الشريعة الإسلامية».

وقد نجح حفتر فى إعادة بناء الجيش الوطنى الليبى الذى يُعد أكبر قوة مسلحة بالمعنى النسبى، لأنها تمثل تقريبا ثلث هذه القوة، بما يعنى أنها لا يمكن بمفردها أن تسيطر على ليبيا وتحررها من التنظيم الإرهابى دون اتفاق مع أطراف سياسية وعسكرية أخرى.

وقد نجح حفتر فى تحرير بنى غازى من سيطرة داعش العام الماضى، وأعلن- فى بدايات هذا العام- عن بدء قواته فى التحرك نحو سرت لتحريرها من التنظيم الإرهابى، إلا أنه تلقى تحذيرات شديدة اللهجة من دول غربية كبرى «هدد بعضها بضرب قواته فى حال تحركها نحو سرت»، لكى لا يغادر بنى غازى.

أما المشروع الثانى فتمثله حكومة الوفاق الوطنى بقيادة فايز السراج، والتى انبثقت من الاتفاق السياسى الليبى الموقع فى الصخيرات المغربية فى 17 ديسمبر 2015، وأشرفت عليه بعثة الأمم المتحدة بقيادة الألمانى مارتن كوبلر، وعقب إعلان تشكيل الحكومة فى يناير الماضى بدعم غربى ودولى واضح، عاد السراج إلى ليبيا عن طريق البحر وباشر أعمال حكومته من مدينة طرابلس، مدعوما من عدد من الفصائل الليبية المسلحة التى حاولت الحكومة أن تصبغ عليها صفة «الجيش».

وحققت الفصائل المسلحة الموالية لحكومة الوفاق تقدما فى سرت وبعض المناطق الأخرى فى مواجهة داعش، ولكنها بقيت على خلافها مع حفتر وقيادات الجيش الوطنى، وبدا الطرفان «كل فى طريق».

والحقيقة أن الخلاف بين الجانبين أعمق من كونه مجرد خلاف سياسى عابر، فكلاهما يمثل بنية سياسية مختلفة عن الآخر، فـ«حفتر» يقدم نفسه على أنه حامل مشروع الداخل الليبى الذى لا يرضى عنه الغرب، وأن شرعيته حصل عليها فقط من الشعب الليبى، فى حين أن حكومة السراج تقدم نفسها باعتبارها مدعومة من المجتمع الدولى ويتعامل معها خصومها على أنها صنيعته.

والحقيقة أن الانتصار على داعش وإعادة بناء الدولة الوطنية فى ليبيا لن ينجح إلا بدمج كلا المشروعين فى مشروع عسكرى واحد، وهو يستلزم من حفتر بعض المرونة والانفتاح والتخلص من أى خلط بين تجربته والقذافى، ويحتاج من حكومة السراج رهانا أكبر على الواقع المحلى وانفتاحا حقيقيا على القوى الأخرى، خاصة قوات حفتر.

لن تنتصر ليبيا على الإرهاب إلا بمشروع وطنى حداثى منفتح على العالم يدمج القوتين الرئيسيتين فى تحالف واحد حتى يمكن دحر داعش وإعادة بناء الدولة الليبية.

 

arabstoday

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

انتخابات حاسمة

GMT 23:16 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

الفكرة المغروسة

GMT 00:36 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

«آيديولوجيا» التضامن الإنساني

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

طوفان الدماء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعضلة الليبية ليست فقط داعش المعضلة الليبية ليست فقط داعش



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 23:10 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

داليا البحيري تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - داليا البحيري تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 18:39 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

دواء للاكتئاب يقلل احتمالات زيادة الوزن

GMT 18:00 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تشيلسي يعلن رسميًا ضم مارك جويو مهاجم برشلونة

GMT 21:12 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

مطبات جوية شديدة تصيب 30 راكباً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab