بقلم : عمرو الشوبكي
نظرية الشماتة فى مآسى الوطن نظرية إخوانية بامتياز، فقد تشمت المعارضة عندنا وعند غيرنا فى فشل سياسات الحكم، أو يشمت من فى الحكم فى فشل المعارضة، ولكننا لم نسمع عن فصيل سياسى يفرح فى مصائب أهل وطنه إلا جماعة الإخوان.
بيان الجماعة، الذى صدر يوم 20 مايو، ونشرت أجزاء مطولة منه فى مقال أمس، صادم وكارثى وغير أخلاقى، لأنه ببساطة اعتبر أن موت 66 مواطنا بريئا فرصة لتصفية الحسابات مع النظام السياسى، دون أن يعبأ بأرواحهم ومآسى أهلهم.
من حق الناس أن تختلف مع جزء أو كل سياسات من فى الحكم، ولكن ما علاقة ذلك بتشجيع الإرهاب والشماتة فى موت أبرياء الطائرة المنكوبة؟
هل يمكن أن تكون كراهية النظام سببا لذلك؟ بالتأكيد لا، لأن هناك فصائل سياسية كثيرة تكره النظام الحاكم ولا تفعل مثل الإخوان فى أن تشمت فى مصائب الناس.
لماذا الإخوان دون باقى خلق الله يحملون هذا الكم من الكراهية لكل من هو غير إخوانى، ولماذا الإخوان دون غيرهم قادرون على شتم أى إنسان بعد أن صار بين أيادى الله حتى لو كان فنانا أو شاعرا أو موسيقيا أو مواطنا عاديا على باب الله، ولماذا يصر الإخوان على تكرار الشماتة فى مصائبنا الوطنية وكوارثنا الإنسانية منذ هزيمة 67 وحتى الآن، فى مشهد لم يحدث إلا معهم.
لماذا شتم الإخوان فاتن حمامة ونور الشريف وغيرهما الكثير، ولماذا شمتوا فى ضحايا الطائرة، وهل يستحق كل من يقول إنه ضد حكم الجماعة القتل والدعاء عليه وعلى أبنائه؟، وهل عرفت مصر على مدار تاريخها تيارا يكره الناس إلا الإخوان؟ صحيح أننا رأينا معارضة متطرفة تكره السلطة وتدعو لإسقاطها بالعنف، وتعمل على إفشالها، إنما أن يكون هناك تيار سياسى وصل للسلطة بأصوات جزء من الناس ويكرههم لأنهم رفضوا حكمه، ويكون الرد هو الشماتة فى الموت والتشفى فى أهله وأبنائه وأقاربه.
مازلت أذكر التعليقات الإخوانية على رحيل الفنان الكبير نور الشريف، (راجع مقال الشماتة حتى فى الموت) حين قالوا:
«رحل الفنان نور الشريف إلى ربه بما يعادل أكثر من 150 فيلما و30 مسلسلا و5 مسرحيات.. ووقف فى عزائه جيل أفسد العالم العربى (صورة عادل إمام وعزت العلايلى ومحمود ياسين) بعريهم وفنهم الهابط، وستلحقون به بعهركم ووقوفكم مع العسكر القتلة».
الانحطاط وصل إلى القول: «كلب وراح وعقبال باقى الكلاب، وغار فى ستين داهية، ربنا يولع فيه، سير السينما فى خدمة العسكر، عقبال باقى زمايله، عقبال عادل إمام، هلك عظيم من عظماء المنافقين».
هى عينة من تعليقات لم يكن يتصور مصرى واحد أن يراها من إنسان، مهما كان دينه وجنسه، فهى لا تكره السلطة التى تواجهه ولا الأحزاب والرموز السياسية التى وقفت ضده، إنما أيضا يكره الشعب، فيتمنى هزيمة المنتخب الوطنى، ويكره الفنانين والأدباء والشعراء، ويشمت فى ضحايا مصر للطيران ويعتبرهم وقودا فى معركته مع النظام.
مشكلة جماعة الإخوان ليست فى أنها جماعة معارضة، فهناك عشرات الجماعات المعارضة، إنما لأن أعضاءها يعتبرون أنفسهم جماعة ربانية فوق خلق الله، بنيت على أساس السمع والطاعة، وربت أعضاءها على العزلة الشعورية والاستعلاء الإيمانى عن المجتمع (كما كتب سيد قطب فى معالم فى الطريق)، وفى لحظات الصراع مع أى نظام سياسى يتحول هذا الاستعلاء إلى طاقة عنف وكراهية ضد السلطة والمجتمع معا.