احذروا هذا الإرهاب

احذروا هذا الإرهاب

احذروا هذا الإرهاب

 العرب اليوم -

احذروا هذا الإرهاب

عمرو الشوبكي

فى مصر نوعان من الإرهاب يصر البعض على اختزالهما فى نوع واحد، رغم أن طبيعتهما مختلفة ووسائل مواجهتهما يجب أيضاً أن تكون مختلفة.

عناوين الصحف فى الأشهر الستة الماضية تقول لنا إن هناك من يضع بشكل شبه يومى قنابل بدائية فى مختلف المدن المصرية، وصارت هناك عناوين معتادة تقول لنا: «أعلنت وزارة الصحة عن إصابة 6 مواطنين فى 5 حوادث تفجير داخل 4 محطات مترو، من بينها شبرا الخيمة، وكوبرى القبة، وحلمية الزيتون، وغمرة، وأمام محكمة مصر الجديدة». واعتدنا أن نرى قنابل فى جامعة القاهرة وعين شمس والأزهر، وهناك تفجيرات الإسكندرية فى بداية العام وتفجيرات القاهرة فى بداية الأسبوع، وهى كلها عمليات إرهابية اعتمدت على قنابل بدائية ينفذها هواة وعلى الأرجح شباب متأثر بمظلومية الإخوان، وليس الجماعات الإرهابية المحترفة التى تنتمى إلى خلايا القاعدة و«داعش» و«بيت المقدس» والتى قامت بعمليات إرهابية على قدر عالٍ من الاحترافية استهدفت مديريات أمن فى القاهرة والدقهلية ولاتزال تستهدف جنودنا فى سيناء.

والحقيقة أن مصر تشهد نوعين من الإرهاب أحدهما إرهاب عقائدى مستند إلى مشروع تكفيرى ساعدت على انتشاره فى بعض المناطق، مثل سيناء، ظروف داخلية وإقليمية، إلا أنه يبقى فهمه فى الإطار العقائدى الذى خضع لتفسيرات منحرفة للدين، والنوع الثانى هو الإرهاب الذى حركته ظروف سياسية أو إحباطات الواقع السياسى نتيجة سوء الإدارة وانعدام الرؤية السياسية، وأيضاً دعاية الإخوان وخطابهم التحريضى.

والمؤكد أن هناك بيئة سياسية واجتماعية تساعد على انتشار الإرهاب أو تراجعه، ولكن يبقى هناك الإرهاب العقائدى المرتبط بنص فكرى ودينى منحرف بصرف النظر عن البيئة السياسية المحيطة، ومواجهته يجب أن تكون أمنية ودينية وسياسية.

أما الإرهاب السياسى الذى تحركه رواية أيديولوجية أو مظلومية سياسية، فهو الذى يحرك جانباً كبيراً من العمليات الإرهابية التى تسبقها جملة: «قنبلة بدائية الصنع» والتى صارت تقريباً جزءاً من المشهد اليومى فى مصر، ولن يستطيع الأمن مواجهتها بمفرده، بل وتحميله مرة أخرى مسؤولية مواجهة كل المشاكل سيضر بالأمن ولن يحل المشاكل.

هناك أزمة سياسية لا نريد أن نواجهها بالسياسة، هذه الأزمة تقول لنا إن هناك آلافاً من الشباب الذين تم تجنيدهم عبر الإنترنت من خلال رسالة سياسية ترى أن ما جرى فى مصر هو انقلاب عسكرى وأن هذا الانقلاب مسؤول عن سقوط آلاف الضحايا وأن فض «رابعة» كان فضاً لاعتصام سلمى وليس اعتصاماً به عناصر مسلحة، ونسوا أو تناسوا أن سقوط الأبرياء كان أساساً بسبب العناصر المسلحة التى اختبأت خلفهم.

إن أى مرور على شبكات التواصل الاجتماعى التى تحركها «المظلومية الإخوانية» سيكشف حجم التحريض الذى يتم ضد السلطة القائمة، وعرضاً يومياً لضحايا مدنيين سقطوا فى مظاهرات مختلفة، وصوراً لطلاب جامعات فى عمر الزهور ماتوا فى تظاهرات مختلفة، وهو ما يولد طاقة كراهية كبيرة ضد المسار الحالى توظف فوراً فى الأعمال الإرهابية.

والحقيقة أن رفع السلاح أو صناعة قنبلة بدائية هو إرهاب مكتمل الأركان لا يمكن تبريره، ولكن يمكن حصاره أو مواجهته بأساليب سياسية تحول دون «ضخ» مزيد من الشباب إلى حاضنة الإرهاب.

فرواية الإخوان لا أمل فى إصلاحها أو تغييرها على المدى القصير، لأن همها هو تقويض المسار وعودة الجماعة للحكم حتى لو على أنقاض ملايين المصريين وحتى لو كانت النتيجة هى خراب مصر بالكامل. أما رواية المعارضين أو المحبطين الذين تأثروا بجانب من خطاب الإخوان ولم ينتموا تنظيمياً إليها، فهؤلاء هم الذين يمكن التأثير فيهم ويمكن إبعادهم عن التورط فى العنف عن طريق الحوار السياسى والمجتمعى.

إن الرواية السياسية المتشددة يمكن تفكيك جانب منها، كما فعل عبدالناصر مع بداية حكمه، حين نجح نتيجة رؤيته السياسية أن يشق تنظيم الإخوان، وهمش أولاً بالسياسة الجزء الذى مارس العنف والإرهاب قبل أن يوجهه ثانياً بالأمن، ونفس الأمر انسحب مع بعض الشيوعيين والوفديين الذين دمج أجزاء منهم فى المسار السياسى. صحيح أن الوضع فى مصر الآن يختلف عن عهد عبدالناصر، فالدولة أضعف والرؤية السياسية غائبة وبالتالى تحمل الأمن مسؤولية مواجهة الإرهاب وغاب الآخرون المنوط بهم حصار الإرهاب من المنبع بإجراءات سياسية.

إن أوروبا الديمقراطية شهدت إرهاباً ثورياً يسارياً فى الستينيات وأمريكا الجنوبية فى السبعينيات، وجميعهم واجهتهم السلطات بالأمن والسياسة فجماعات العنف السياسية فى أوروبا الغربية، خاصة فرنسا (العمل المباشر) وألمانيا (بادر ماينهوف) وإيطاليا (الألوية الحمراء) واجهتهم السلطة أولاً بإجراءات سياسية غيرت من مساوئ النظام الرأسمالى وحسنت من أدائه وواجهت كثيراً من انحرافاته دون أن تتخلى عن المواجهه الأمنية، إنما نجاح الإجراءات السياسية عجّل من نجاح الإجراءات الأمنية.

فى مصر توجد بيئة خصبة تساعد على انتشار هذا النوع من الإرهاب السياسى، لأنه فى الحقيقة لا يوجد أى اشتباك من المنبع مع أسبابه السياسية والاجتماعية، فهناك شباب كثير محبط، بعضه اتجه للعنف، وبعضه اتجه للمراهقة الثورية، وبعضه انسحب من السياسة وكره السياسيين، وكثير منه لايزال مستعداً أن يشارك لو وجد بيئة ملائمة للعمل السياسى السلمى، وعليه أن يقتنع بأنه هو القادر على تغيير المعادلة السياسية ويساهم فى بناء بديل سياسى مدنى وديمقراطى قادر على انتزاع جزء من شباب العنف نحو العمل السياسى السلمى، عندها نكون قد وضعنا أنفسنا على أول طريق مواجهة هذا النوع من الإرهاب.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احذروا هذا الإرهاب احذروا هذا الإرهاب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab