استنساخ يوليو

استنساخ يوليو

استنساخ يوليو

 العرب اليوم -

استنساخ يوليو

عمرو الشوبكي

دلَّت الطريقة التى احتفل بها الكثيرون بثورة يوليو على عمق الأزمة التى يعانى منها المجتمع المصرى وعجز نخبته عن وضع يدها على ما هو جوهرى وأصيل فى يوليو يساعد مصر على التقدم، وما هو ثانوى وتفصيلى لن يفيد بل ربما يضر مسيرة تقدمها.

مدرسة استنساخ يوليو صوَّرت للكثيرين أن الاحتفال بالثورة وبجمال عبدالناصر يعنى ولو بصورة ضمنية تبرير غياب الديمقراطية فى عصره وفى العصر الحالى، وعودة لنظام الحزب الواحد، وهو ما استدعى هجوماً سطحياً على عبدالناصر لكونه رجلاً غير ديمقراطى ألغى الأحزاب والتعددية السياسية.

والحقيقة أن يوليو لم تكن ثورة ديمقراطية مثلها مثل كل تجارب التحرر الوطنى فى بلاد العالم (باستثناء الهند)، فقد بنت نظم الحزب الواحد أو الكل فى واحد، ورفعت شعارات الاصطفاف الوطنى من أجل التحرر ومواجهة الاستعمار، ولم تكن الديمقراطية مطروحة كأولوية بالنسبة لكل هذه التجارب، بل إنَّ تعثر التجربة شبه الليبرالية فى مصر قبل ثورة يوليو كان أحد الأسباب الرئيسية وراء نجاح تدخل الجيش فى 23 يوليو وبناء نظام سياسى قائم على الحزب الواحد وليس التعددية الحزبية.

ولذا لم يكن غريباً أن يكون طريق التغيير فى ذلك الوقت هو الجيش وليس الأحزاب السياسية، فقد أسس جمال عبدالناصر تنظيم الضباط الأحرار وهو فى بداية الثلاثينيات من عمره، ضارباً القواعد المتعارف عليها فى أى مؤسسة عسكرية منضبطة ومهنية، لا تقبل بل لا تتسامح مع أى تنظيمات سرية تخترق صفوفها، وتعامل الرجل مع قوى سياسية متعددة من شيوعيين وليبراليين وإخوان مسلمين، وقام بثورة ضد النظام القائم من خلال بناء تنظيم ثورى لا انقلاب عسكرى.

أجيال ثورة 1919 وثورة يوليو كانت قضيتها الأساسية هى الاستقلال والتحرر الوطنى، وليس الديمقراطية والليبرالية، ولم يدَّع عبدالناصر فى أى مرحلة من مراحل حكمه أنه زعيم ليبرالى أو ديمقراطى، إنما كان بطل تحرر وطنى دافع عن العدالة والاشتراكية ومناهضة الاستعمار.

والمؤكد أن ثورة يوليو لم تقم نظاماً غير ديمقراطى لأن قائدها عسكرى، كما يردد البعض نتيجة «العمى الأيديولوجى»، وتصفية الحسابات مع ثورة يوليو أو مع النظام الحالى (على طريقة كلهم عسكريون)، إنما لأن أيام يوليو كانت أولويات الناس فيها هى التخلص من الاستعمار، ثم تحقيق العدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وتلك كلها كانت قيماً عظيمة وباقية ودافعت عنها مصر حتى أصبحت نموذجاً يُحتذى فى معركة العالم الأخلاقية والسياسية من أجل التحرر الوطنى، ووضعت العالم العربى والثالث على قدم المساواة مع كل بلاد العالم المتقدم.

أما الآن فقد تغيرت أولويات مصر والعالم العربى بعد أن خرج الاستعمار من بلادنا، وأصبحنا نحتاج إلى نظم ديمقراطية، وإلى قيم المهنية والإصلاح، والرؤية التى تنظر إلى تفاصيل الصورة وحقيقية المشاكل المعيشة، وليس بالإحالة للشعارات العامة والهتافات الرنانة التى سبق أن أطلقها البعض قبل هزيمة 67.

إن ما كان مبرراً فى عصر يوليو، عصر التحرر الوطنى، ليس مبرراً الآن، فستبقى ثورة يوليو قيماً ورسالة كرامة وتحرر، كما فى معظم الثورات الكبرى وليست حقبة قابلة للاستنساخ.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استنساخ يوليو استنساخ يوليو



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab