الإنذار

الإنذار

الإنذار

 العرب اليوم -

الإنذار

بقلم : عمرو الشوبكي

مظاهرات الجمعة الماضى ليست مجرد احتجاج غاضب على التنازل الرسمى لجزيرتى تيران وصنافير، إنما هى أساسا الإنذار الأول فى وجه النظام السياسى الذى اختزل أنشطته فى مشاريع «اللقطة الاقتصادية» ولم يقدم أى رؤية حقيقية للتنمية الاقتصادية والسياسية.

والمؤكد أن حل مشكلة الشباب لن تكون بتواصل الرئاسة مع بعض شباب الإعلاميين، ولا بضم بضع مئات ولا حتى آلاف لبرنامج رئاسى فقير فى الفكر وفى الرؤية ولا علاقة له بهموم الشباب الحقيقية، وصارت اللقاءات المعلبة بديلا عن أى حوار مجتمعى وسياسى حقيقى مع المختلفين قبل المؤيدين.

إن صرخة قطاع من شباب مصر، يوم الجمعة الماضى، ضد ما اعتبره تفريطا فى أرض مصرية عكس فى الحقيقة مشاعر وطنية صادقة، فرغم غسيل الدماغ الذى شهدته مصر على مدار عامين واتهام الأجهزة الأمنية وأذرعتها الإعلامية لكثير من الشباب والمعارضين بالعمالة والخيانة حتى فوجئ الجميع فى مشهد كاشف أن من اتهموا بالخيانة هم الذين انتفضوا دفاعا عن مصرية الجزيرتين، فى حين أن متهميهم من تجار الوطنية هم الذين تباروا لإثبات عدم مصريتهما، وأعلنوا استعدادهم للذهاب لمحكمة العدل الدولية لإثبات سعودية الجزيرتين.

إن خروج آلاف فى جمعة الأرض دلالاته ليس فى كبر العدد ولا نقصه، إنما فى ضعف أداء النظام السياسى والمهنى، فالنظم القوية الراسخة لا تخشى من أصوات احتجاجية أو رافضة، لأنها تمتلك قنوات سياسية شرعية تستوعب الغالبية العظمى من القوى السياسية والتيارات الشبابية المختلفة داخل مسار سياسى قانونى وشرعى، فى حين أن ما جرى فى مصر على مدار عامين كان هو العكس تماما، فقد تم ترسيخ نظام إقصائى بامتياز بدءاً بوضع قانون انتخابات للبرلمان لا يعبر عن التنوع السياسى داخل المجتمع المصرى (راجع مقالنا فى 2015 تحت عنوان قانون الانتخابات الأسوأ)، وانتهاء بإدارة البلاد دون رؤية ولا تصور إصلاحى ولا مستشارين سياسيين والاكتفاء بتقارير الأجهزة الأمنية وقبضتها.

وقد كرر الرئيس فى خطاباته (رغم مرور عامين على حكمه) نفس الأخطاء السابقة شكلا ومضمونا، خاصما فى كل مرة جزءا من رصيده الشعبى، تاركا جزءا كبيرا من أنصاره للكلام الفارغ والمفردات المغيبة حتى شهدنا فى وقفة احتجاجية بالإسكندرية لعشرات المؤيدين للرئيس وهم يضعون صورة قرون الفلفل والشطة وكتبوا تحتها «السيسى عمهم حارق دمهم»، معبرين عن دعمهم للرئيس بهذه الطريقة بعد أن تركوا بلا حزب ولا رؤية ولا حتى إنجاز مقنع على الأرض.

مشهد الجمعة دلالاته أخطر وأهم بكثير مما يتصور المطبلون والأجهزة الأمنية، لأن الصوت الاحتجاجى هذه المرة لديه ظهير شعبى مؤثر يرى مصرية الجزيرتين، ويعتبر أن حكامه فرطوا فيهما.

صحيح أن هناك من استثمر قضية الجزيرتين لكى يسجل نقاطا فى مواجهة النظام، وهناك من وجدها فرصة لتصفية حساباته معه، فالأولى مشروعة فى عالم السياسة والنظم الديمقراطية حين تستثمر أحزاب المعارضة أخطاء الحزب الحاكم لا أن تختلقها، على عكس منطق تصفية الحسابات فى النظم غير الديمقراطية، الذى هدفه إقصاء الآخر وشطبه لا تداول السلطة معه.

وصحيح أيضا هناك بعض الشعارات التى رفعت يوم الجمعة الماضى لايزال لا يؤيدها أغلب الشعب المصرى، مثل هتافات إسقاط النظام، أو الشتائم والسباب، ويبقى السؤال المطروح: هل سنجد من يستوعب إنذار الجمعة ويسعى لاحتواء آثاره وفهم رسالته ومراجعة الأخطاء الهيكلية فى أداء النظام، أم سنستمر فى نفس مسلسل القمع والإقصاء حتى نصل إلى نهاية محتومة لا يتمناها الكثيرون؟

 

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنذار الإنذار



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab