الثلث المُعطِّل

الثلث المُعطِّل

الثلث المُعطِّل

 العرب اليوم -

الثلث المُعطِّل

عمرو الشوبكي

يستخدم عادة تعبير «الثلث المُعطِّل» حين يتعلق الأمر بأقلية برلمانية قادرة على تعطيل عمل البرلمان نتيجة امتلاكها نسبة الثلث، فتكون قادرة على إيقاف بعض القوانين التى تستلزم الحصول على أغلبية الثلثين+ 1 لكى تصبح نافذة.
الثلث المعطّل قضية سياسية وقانونية تخص كثيرا من برلمانات العالم، ولكنها أيضا يمكن سحبها على بعض المجتمعات فى مراحل الانتقال والتحول، حيث من الوارد وجود ثلث مجتمعى معطِّل قادر على عرقلة مسيرة التقدم والعودة بالبلاد للوراء.

فى كثير من المجتمعات الأوروبية كان البعض يتحدث فى نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات عن أن إسبانيا والبرتغال غير قابلتين لبناء نظم ديمقراطية، لأن فى الأولى نسبة الأمية تصل إلى 15% والثانية إلى 20%، كما أنها شعوب كاثوليكية متعصبة، والدين مهيمن على ثقافة شعوبها بصورة تجعلها غير قادرة على تقبل النظام الديمقراطى، واعتبر أن هناك ثلثا معطلا خارج القيم الحديثة وغير قابل للاندماج فيها.

ما جرى فى البلدين الأوروبيين اللذين صارا بعد ذلك بلدين أوروبيين متقدمين و«كاملى الأهلية» تكرر فى مجتمعات كثيرة، مثل أمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية حين كانت مجتمعاتها توصف أيضا بأنها غير قابلة للديمقراطية.

والحقيقة أن هذا الحديث يتكرر كثيرا حول العالم العربى، وفى القلب منه مصر، حيث يرى الكثيرون أن هناك صعوبة أن تصبح مصر بلدا ديمقراطيا فى ظل تدهور التعليم وانهيار الإعلام وضعف الثقافة الديمقراطية وهيمنة الخرافة والأكاذيب حتى صارت وجهه نظر.

وعضد البعض هذا التوجه بالحديث عن أن نسبة الأمية فى مصر تبلغ الثلث، وهى كفيلة بأن تعوق أى تجربة تقدم وإصلاح لأنها يمكن أن تنساق وراء أى سلطة وأى نظام مستغلا ضعف وعيها وأميتها.

والسؤال: هل يوجد ثلث معطل داخل المجتمع المصرى؟ والحقيقة أن هذا الثلث المعطل يربطه الكثيرون بنسبة الأمية، ويتجسد سياسيا فى أحزاب مأزومة وضعف الثقافة الديمقراطية ونفاق السلطة، وفى الانتخابات تجده فى عملية بيع وشراء الأصوات، وفى تنقل بعض المرشحين بين الأحزاب كما يتنقلون بين غرف منازلهم جريا وراء من يدفع أكثر.

والحقيقة أن نظرية المجتمع الجاهل تختلف جذرياً عن نظرية المجتمع المأزوم أو المعطل، ففى الأولى تحكم على المجتمع بالموت، فى حين أن الحديث عن المجتمع المأزوم ينقلك إلى مستوى آخر فيه قليل من العمق والجهد يدفعك إلى فهم أسباب أزمة هذا المجتمع، وعجزه عن بناء نظام كفء وديمقراطى.

والحقيقة أن الحالة المصرية، كما تجسدها الحياة السياسية والانتخابية، تعكس أزمة مجتمعية حقيقية ويبدو فيها دور هائل للمال السياسى وعمليات تربيط ببيع وشراء الأصوات، يرجعها البعض إلى وجود ثلث معطل ونسب أخرى منصرفة أو محبطة من العملية السياسية، إلا أنها أيضا تعكس مسؤولية النظام القائم عن عدم وضع القواعد والقوانين التى تساعد المجتمع على الخروج من كبوته من خلال قوانين انتخابية تساعد على حسن الاختيار، وتضمن تنوع البرلمان وتمثيله لكل الاتجاهات المؤمنة بالدولة الوطنية والدستور المدنى لا أن يترك المجتمع المأزوم لقدره دون أى محاولة لتنظيمه ودفعه للأمام.

الثلث المعطِّل فى مصر واقع فى الاقتصاد كما فى السياسة، فتجد طفيليات البيزنس من سماسرة لا يعرفون معنى الإنتاج فى أى شىء، ومثلهم طفيليات السياسة أيضا الذين نموا وترعرعوا فى ظل غياب دولة القانون والمؤسسات.

إن مواجهة الثلث المعطِّل ستكون بمنظومة قوانين جديدة تفككه وتقضى عليه، لا أخذه حجة لكى نقول إن الديمقراطية لا تصلح فى مصر ودولة القانون يجب أن تظل غائبة.

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثلث المُعطِّل الثلث المُعطِّل



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab