الجراحات المطلوبة

الجراحات المطلوبة

الجراحات المطلوبة

 العرب اليوم -

الجراحات المطلوبة

عمرو الشوبكي

إعلان الرئيس السيسى التنازل عن نصف راتبه ونصف ممتلكاته لصالح «مصر» هو إعلان من الناحية الرمزية يمكن وصفه بالتاريخى وغير المسبوق منذ عهد عبدالناصر حتى الآن، وذلك لتقديمه رسالة معنوية افتقدها المجتمع المصرى منذ عقود، وهى وجود «المسؤول القدوة» الذى لا يطالب الناس بالتقشف والتضحية، وهو يجلس فى قصره يعيش حياة مترفة ومنعزلة عن الناس.
مازلت أذكر حين كنت طالبا فى جامعة القاهرة فى بداية الثمانينيات، وخرجت دعوة للتبرع من أجل تسديد ديون مصر، وكان رد غالبية الطلاب عليها: «هو أنا الذى أخذتها»، هذه مسؤولية الدولة والحكومة، وذلك لإحساس الجميع بأن الحكومة التى استلفت فى واد، والشعب الذى لم يستلف فى واد آخر، وكأن ما يخص الحكام لا علاقة له بالمحكومين.
والمؤكد أن جزءا كبيرا من فشل تجربة الإصلاح الاقتصادى فى عهد مبارك وتأجيل المساس بدعم الطاقة وغيرها هو الذى ساهم فى تفاقم عجز الميزانية وتدنى الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى، وبقيت مصر أكثر من 30 عاما فى سياسة ترحيل المشاكل والمواءمات و«تلبيس الطواقى» إلى أن جاءت لحظة مواجهة المشاكل المتفاقمة بالجراحة وليس بالمسكنات.
صحيح أن مشاكل مصر لن تحل بالتبرع ولا بتنازل كل مسؤول أو رجل أعمال عن نصف راتبه أو نصف ثروته أو دخله، إنما بإعادة بث قيم جديدة داخل المجتمع يكون فيها أولاً المسؤول قدوة لشعبه ويعيد بناء الثقة بين الحاكم والمحكوم، بما يعنى أن قرار التضحية يتحمله الاثنان معا.
والحقيقة أن رسالة الرئيس جوهرها فى هذه المساحة، فليس بالتبرع تحيا الشعوب، ولكن بالقدرة على العبور من عنق الزجاجة ومن المراحل الصعبة والفاصلة بالتكاتف والتضامن، وهذا لن يتحقق إلا بوجود رئيس وحكومة يثق فيهما أغلب الناس حتى لو اختلفوا معهما فى أشياء كما هو الحال الآن.
ترحيل المشاكل بشكل أنانى وتحميل الأجيال القادمة مسؤوليتها ودفع ثمنها هو كارثة حقيقية عانت منها مصر على مدار 30 عاما، وسبق أن سميته فى مقال بـ«المصرى اليوم»: «المسكنات القاتلة» بالقول: «لم تعرف مصر عهدا امتلك مهارة تسكين الأزمات وترحيل المشكلات، مثلما جرى فى العصر الحالى، فعلى مدار أكثر من ربع قرن امتلك الحكم مهارات نادرة فى تمييع كل شىء وفى عدم حسم أى أمر، ورحَّل ببراعة نادرة مشكلات متراكمة، حتى تفاقمت وصارت مستعصية على الحل، وتحولت أخطاؤه إلى خطايا حين تجاهل مشكلات الحاضر، لتخصم من رصيد المستقبل».
و«علينا أن نقر منذ البداية ببراعته فى تسكين أحوال البلاد والعباد، بصورة جعلت نظاما محدود الكفاءة منعدم الخيال يستمر كل هذه الفترة، ولكن على ما يبدو أنه لن يستطيع الفكاك من خطر النهاية، وسيعلن قريبا عن فشل سياسة (المسكنات هى الحل)».
إن مواجهة مشاكل مصر المزمنة بالجراحة وليس بالمسكنات القاتلة، وبتضحيات مقبولة يتحمل فيها الأقوى والأغنى ثمنا أكبر من الأفقر والأضعف، هى الطريق لخروج هذا البلد من جانب مهم من مشاكله الاقتصادية والسياسية، وبناء نظام جديد قائم على العدالة والديمقراطية والمساواة.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجراحات المطلوبة الجراحات المطلوبة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab