المبرراتي

المبرراتي

المبرراتي

 العرب اليوم -

المبرراتي

عمرو الشوبكي

أسوأ شىء فى مصر أن يصاب المجتمع بداء التبرير مع كل أزمة تصيبه، فالمؤكد أن الإخوان هم أول الذين روجوا «لنظريات التبرير»، واعتبروا أن معارضة النظام السياسى ليست بالرفض والاحتجاجات السياسية إنما بالحرق والقتل والترويع، وقدموا فتاوى تبرر قتل الناس الأبرياء لأنهم «شعب عبيد» يقبلون الاستبداد ويرفضون الحرية (حرية داعش وأخواتها).

تبرير العنف أو القتل أو سقوط الضحايا أمر كارثى، يقسم المجتمع المصرى ويقضى على وحده نسيجه، والمؤسف أنه انتقل من حالة الإخوان وحلفائهم إلى حالة أطراف مجتمعية كثيرة، فحين تنعى سقوط الشهيدة شيماء الصباغ يخرج عليك آلاف الناس ويقولون لك، ولم لا تنعون شهداء الشرطة الذين يسقطون كل يوم (رغم أنك نعتهم وتضامنت مهم عشرات المرات)، وحين تتضامن مع شهداء الشرطة والجيش يخرج عليك بعض النشطاء والإخوان ويقولون وهل نسيتم شهداء رابعة وممارسات الداخلية.

المؤسف أننا فشلنا أن نشعر بوقع الأحداث الكبرى التى تناقش المواقف المبدئية والإنسانية والأخلاقية الأساسية التى دونها لن يبنى أى مجتمع، ونفصلها عن أهوائنا السياسية، حتى صار كل حادث من أول وفاة الملك عبدالله (رحمة الله عليه) حتى وفاة جندى أمن مركزى بسيط محل تبرير سخيف وإسقاطات متدنية.

هل يعقل أن تثير واقعة مقتل شيماء الصباغ كل ردود الفعل الخائبة من نوع: لماذا ذهبت إلى هناك؟ وما الذى جعلهم من الأصل يقومون بمظاهرة، وننسى السؤال المحورى: كيف تقتل ومن قتلها؟ وقبلها نعلن بضمير مرتاح رفض موت أى مواطن مصرى سلمى حتى لو اختلفنا مع كل آرائه ورفضنا كل شعارات مظاهراته.

لا يوجد مبرر واحد لهذا الخلط الفج للأوراق حتى استنزفنا فى معارك تقتل إنسانيتنا ومشاعرنا الطبيعية التى نجدها فى أى مجتمع ينتفض على قلب رجل واحد فى مواجه القتل أو التعذيب والإرهاب، إلا نحن الذين نصر على أن نسقط أهواءنا السياسية على كل حدث جلل، ولا نقف أمامه لنتعلم منه ونصلح من أخطائنا.

فبدلاً من أن نقول هناك شخص أو جهة يتحمل مسؤولية مقتل شيماء، بعيدا تماما عن تلك النظرة الثأرية من وزارة الداخلية، دخلنا فى حرب الصور والشائعات: صورة لشيماء مع متظاهرين يرفعون شعار رابعة، إذن هى متضامنة مع الإخوان فهل هذا يبرر موتها؟ أو يعلق آخر لو عادت شيماء إلى الحياة لسألتكم عن الطفل مينا ماهر (شهيد المطرية الذى أكدت المصادر الأمنية وبعض شهود العيان أن الإخوان هم الذين قتلوه) وحرقة قلب أمه عليه، قبل أن تسألكم عن ولدها اليتيم، وتسألكم عن المجند محمد على خلف ابن الغلابة «الشقيانين» الذى قتل بالأمس فى المطرية أيضا، وتسألكم عن المواطن المصرى صاحب التاكسى المحروق وهو يلطم ويبكى على ضياع مصدر رزقه ورزق عياله.

والحقيقة أن هذه الطريقة فى التفكير كارثية، ولا يوجد مبرر واحد لعدم التضامن مع كل ضحايا العنف والإرهاب ومحاسبة المسؤول عن موتهم، ونعلن بجرأة أن كل الدم حرام، وأن صورة مظاهرات «الآلى» فى المطرية، أمس الأول، وصور وقفة طلعت حرب السلمية تؤكد ما ذكرناه فى مقال الأمس بأنه يجب على الأمن وضع خطوط فاصلة بين مظاهرات العنف والإرهاب وبين المظاهرات السلمية، فيواجه الأولى بقوة ويؤمن الثانية بمهنية.

لا يجب أن نبرر الموت حين يكون الضحية خصمنا السياسى، وندينه حين يكون الضحية من حلفائنا، فتلك كارثة ستقضى على أهم ما يميز مصر وهو تماسك مجتمعها حتى فى عز خلافه مع أى سلطة.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبرراتي المبرراتي



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab