المحيط الإقليمى

المحيط الإقليمى

المحيط الإقليمى

 العرب اليوم -

المحيط الإقليمى

عمرو الشوبكي

مخطئ من يتصور أن المحيط الإقليمى لأى دولة لا يؤثر على خياراتها السياسية، ومخطئ من يتصور أن المحيط الإقليمى لم يسهم فى تشكيل مسارات دول وتجارب بعينها، مثل ما جرى فى أوروبا الشرقية عشية تحولها من النظم الشيوعية الاستبدادية إلى النظم الرأسمالية الليبرالية.

وأذكر جيداً أنى وصلت لفرنسا عام 1989 لبدء دراستى، وتابعت كيف تعامل (ورتب) الغرب التغيير الذى حدث فى أوروبا الشرقية وبداية عملية التحول الديمقراطى هناك، والفكاك من أسر النظم الشيوعية والهيمنة السوفيتية.

وتغيرت كل التجارب تقريباً بحراك شعبى سلمى (أهمها كانت تجربة بولندا من خلال حركة تضامن)، مدعوم من قوى خارجية فى أوروبا الغربية وأمريكا، وبقيت رومانيا، برئاسة زعيمها شاوشيسكو، رافضة للانضمام لهذا التحول، فتدخلت أوروبا وأمريكا بصورة أكثر خشونة وأسقطته بالقوة بمشاركة بضعة آلاف من الشعب الرومانى، وسموها وقتها ثورة (وقيل بعدها إنه أقرب لانقلاب مرتب)، وتأسس نظام جديد أقام محاكمة ثورة لشاوشيسكو وزوجته، وأعدمهما فى ساعات، وظلت رومانيا بسبب ادعاءات نظامها الجديد الثورية هى البلد الأكثر فشلاً فى كل أوروبا الشرقية، وعاد رموز النظام القديم للحكم، وتاهت فى حكومات فاشلة، ولولا تدخلات الاتحاد الأوروبى الكبيرة فى أوضاعها الداخلية لما وقفت على قدميها.

وفى المجمل يمكن القول إن التحولات التى جرت فى أوروبا الشرقية ساعد على نجاحها (كعامل رئيسى) الاتحاد الأوروبى وأمريكا، عززها توافق غربى مع الاتحاد السوفيتى على عودة هذه البلدان إلى ما كنت عليه قبل تقسيمات ما بعد الحرب العالمية الثانية، التى فرضت النظم الشيوعية وقسمت ألمانيا.

نجاح أوروبا الشرقية فى عملية التحول الديمقراطى لم يكن بالكامل صناعة محلية، بل كان معتمداً فى أغلبه على القوى الغربية الكبرى التى أعادت الجسر بين شرق أوروبا وغربها، ووصلت ما جمعته الثقافة والحضارة الغربية المشتركة.

وعلى خلاف ما جرى فى تجارب أوروبا الشرقية فإن تجربتى مصر وتونس كان المكون المحلى فيهما هو الدافع الرئيسى وربما الوحيد فى اندلاع أهم ثورتين فى العالم العربى، وهى الثورة التونسية التى على طريق النجاح ونظيرتها المصرية التى تعانى من التعثر.

ورغم الاتهامات التى لم يتوقف البعض عن كيلها لثورة يناير واتهام ملايين المصريين بأنهم متآمرون وعملاء، لأن هناك مائة أو ألفاً دارت حولهم شبهات، أو بسبب وجود تنظيم إخوانى قفز إلى قطار الثورة وأراد اختطاف الدولة والمجتمع لحساباته الخاصة، وأن وجوده بهذه القوة على الساحة السياسية يتحمل مسؤوليته الرئيس مبارك الذى نما وترعرع التنظيم فى عهده وليس ثورة يناير.

ومع ذلك تبقى معضلة المحيط الإقليمى عاملاً مهماً فى التعامل مع نتائج ثورة يناير، فالدول المجاورة لمصر هى ليبيا المفككة بلا دولة ولا جيش وتسيطر عليها ميليشيات مسلحة وجماعات إرهابية وليس المجر ولا بولندا ولا التشيك، كما أن الغرب الذى تعاطف (دون أن يصنع أو يدعم مثلما جرى مع أوروبا الشرقية) مع ثورات الربيع العربى واقتنع جزء كبير من الرأى العام أن العرب مثلهم مثل باقى شعوب الأرض يمكن أن يثوروا ويبنوا ديمقراطية سرعان ما تراجع عن تعاطفه بعد أن شاهد إرهاب داعش وفشل الثورة الليبية والسورية واليمنية وعاد لخطابه القديم الاستقرار أهم من الديمقراطية.

الغرب لن يبنى ديمقراطية فى بلادنا كما فعل مع أوروبا الشرقية التى انتمت حضاريا لقيم وثقافة الغرب، أما نحن فإذا أردنا أن نبنى ديمقراطية وقبلها دولة قانون عادلة، فعلينا أن نعتمد أساسا على أنفسنا دون عزلة عن العالم، وأن يعترف الجميع بأننا محاطون ببيئة إقليمية غير مواتية لبناء ما يرغب فيه أغلب المصريين.

arabstoday

GMT 06:49 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

من برلين إلى سرت

GMT 05:41 2017 الخميس ,17 آب / أغسطس

أنصار اسرائيل يدينون أنفسهم

GMT 05:30 2016 الأحد ,18 أيلول / سبتمبر

دعم حفتر

GMT 05:10 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية (4)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحيط الإقليمى المحيط الإقليمى



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 18:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
 العرب اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab