عمرو الشوبكي
نشرت صحيفة الشروق أول أمس نقلاً عن «مصادر مطلعة» تقريراً أصدرته هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا بشأن دعاوى بطلان بعض مواد قانون الانتخابات النيابية، وأكدت فيه على «عدم دستورية الأسس التى قام عليها تقسيم الدوائر الانتخابية فى القانون رقم 202 لسنة 2014».
ورغم أن ما نشر هو نقل عن مصادر مطلعة وليس التقرير الرسمى، كما أن تقارير هيئة المفوضين فى ذاتها استشارية وغير ملزمة لقضاة المحكمة الدستورية، بما يعنى أن قرار تأجيل الانتخابات يظل أمرا واردا ولكنه غير مؤكد.
والحقيقة أن أبرز ما جاء فى الخبر أن القانون انطوى على قصور فيما يتعلق بتناسب التمثيل النيابى مع عدد السكان وعدد الناخبين ببعض المحافظات، مما ترتب عليه تفاوت فى التمثيل بين دوائر ومحافظات متقاربة فى عدد السكان والناخبين.
كما أوصى تقرير هيئة المفوضين فى مادته الثانية بعدم دستورية المادة 6 من قانون مجلس النواب فيما تضمنته من تمييز غير مبرر للمرأة على حساب الرجل، للسماح لها بتغيير صفتها الانتخابية بعد نجاحها دون أن تسقط عنها العضوية، وقصر إسقاطها عنها على حالة تغيير انتمائها الحزبى أو المستقل، حيث تنص المادة فيما يخص باقى النواب على سقوط العضوية فى حالة تغيير الانتماء الحزبى أو الصفة.
أما المادة الثالثة الموصى بعدم دستوريتها فهى المادة 25 من قانون مباشرة الحقوق السياسية التى تجعل الحد الأقصى للدعاية الانتخابية للمرشح الفردى 500 ألف جنيه وتضاعف المبلغ لكل 15 مرشحا تضمهم قائمة واحدة، وهو ما يعتبر عدم مساواة يتضرر منه مرشحو القوائم.
والحقيقة أنه فى حالة صدور حكم ببطلان قانون تقسيم الدوائر، سيعنى عمليا أن الانتخابات وارد تأجيلها إلى شهر سبتمبر أو أكتوبر، حتى لو كان هذا الحكم يعالج الجوانب الفنية والقانونية المتعلقة بقانون الانتخابات وليس الجوانب السياسية التى جعلته واحدا من أسوأ القوانين التى صدرت لتنظيم العملية الانتخابية، وجعل مشهد تشكيل القوائم ومرشحى المقاعد الفردية يحمل كثيرا من القلق أكثر من الأمل.
إن الطريقة التى صدر بها قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر تدل على أن النظرة إلى البرلمان مازالت لم تتغير على اعتبار أنه كيان ملحق بالسلطة التنفيذية، والأصعب أنه ستغيب عنه أى قواعد تنظم عمله ولو فى الاتجاه الخطأ، كما كان يحدث مع ترتيبات أحزاب السلطة للبرلمان، إلا إذا تفرغت أجهزة الدولة لإدارته.
والحقيقة أن كل من تابع المرشحين الذين تقدموا للانتخابات البرلمانية اكتشف أن كثيرا منهم انتمى للحزب الوطنى، وليس هذا جوهر المشكلة إنما فى إصرار معظمهم على حمل أساليبه فى الفوضى والبلطجة وشراء الذمم والأصوات، فى ظل حياد سلبى للدولة وشعور عام أن لحظة الانتقام من حلم التغيير قد حانت على يد هؤلاء.
تأجيل الانتخابات قد تكون دوافعه قانونية، والأهم أن يستفاد منه سياسيا بتغيير نظام القوائم الأربع، وتحويله إلى قائمة لكل محافظة بنسبة الثلث لأسباب قلناها عشرات المرات (راجع مثلا مقال قانون الانتخابات الأسوأ)، وأيضا أن تكون الدوائر الفردى بنسبة الثلثين وتكون مقعدين لكل دائرة قوامها ما بين 400 و500 ألف ناخب بدلا من الدوائر العشوائية التى خرجت فى القانون الحالى.
قد يكون التأجيل بداية لتعديل سياسى أفضل، أما إذا كان التأجيل من أجل الترحيل وتسوية الجوانب الدستورية فقط فأفضل ألا تؤجل الانتخابات، وسنرى ما سيكون عليه حال البرلمان.