عمرو الشوبكي
اشتعل الصراع بين قائمة التحالف الجمهورى، التى تقودها المستشارة تهانى الجبالى، وقائمة فى حب مصر التى يقودها اللواء سامح سيف اليزل، بعد أن دلت المؤشرات الأولى على اكتساح قائمة فى حب مصر، وشنت المستشارة تهانى هجوما كاسحا على القائمة المعروف مسبقا أنها ستفوز أو ستكتسح، واتهمتها بالخيانة والتحالف مع الإخوان، فى نفس الوقت الذى اتهم بعض قيادات فى حب مصر قائمة التحالف بأنها تضم شيعة وتمثل اختراقا إيرانيا فى خطاب أقرب لحزب النور من قائمة مدنية.
والحقيقة أن جانبا من هذا السجال مفهوم، وجانبا آخر مجرّم بحكم القانون الذى لا يُطبق، ويتعلق بالتخوين والشتائم، إلا أن السؤال المطروح: هل تداعيات اكتساح القوائم الأربع الخاصة بـ«فى حب مصر» ستكون بلا خسائر؟ خاصة فى ظل واقع يقول إن هناك كتلة مجتمعية كبيرة انسحبت من المشاركة فى الانتخابات، بعد أن اقتنعت بأن نتائج انتخابات القوائم محسومة سلفاً، كما أن زيادة أعضاء القوائم حتى شملت 45 مقعدا للقاهرة ومحافظات وسط الدلتا والجيزة والصعيد جعل الخاسر فى مجتمع لا يمتلك ثقافة ديمقراطية يشعر بنهاية الكون، ويحتج على العملية الانتخابية والسياسية برمتها.
والحقيقة أن إصرار الدولة ولجنتها الحكومية على اعتبار القوائم الأربع من المقدسات التى لا تُمس ولا تُناقش ساهم فى تشكيل جانب كبير من المشهد الحالى من «حرب القوائم»، ولا يقل خطورة عن عوار تقسيم الدوائر الفردى، وأن تداعياته وتأثيراته ستكون شديدة السلبية على المسار السياسى برمته.
إن الانطباع الذى خلّفه وجود هذه القوائم لدى قطاع من الرأى العام والناخبين كان سلبياً، وفتح الباب أمام تدخل أجهزة الدولة فى تشكيل القائمة المكتسحة، وهو ما سيخلق انطباعاً لدى القوائم الخاسرة وقطاع يعتد به من الرأى العام بأن نجاحها يرجع لدعم الأجهزة وليس عبر اختيار الناس، وسيسهم فى تزايد الصوت الاحتجاجى بصورة أكبر، وفصل البرلمان عن قطاعات واسعة من المجتمع.
ولم تستمع الرئاسة ولا الحكومة إلى فكرة زيادة عدد القوائم وتحويلها من 4 إلى 22 أو 25 قائمة تخص المحافظات الكبيرة والمتوسطة وبنسبة الثلث، بحيث تستوعب كل محافظة كبيرة الـ6 فئات المميزة المنصوص عليها فى الدستور، وقائمة لكل محافظتين أو أكثر لاستيعاب نفس النسبة فى المحافظات الصغيرة، مثل سيناء ومدن القناة، وهذا سيعنى تمثيلاً أفضل للقوى المحلية، وفرصاً أكبر للقوى السياسية والمجتمعية بدلا من القوائم الأربع التى شهدت سيطرة للمركز فى القاهرة على تشكيل كل قوائمها، من «حب مصر» مرورا بالاستقلال وانتهاء بالتحالف الجمهورى.
فى مصر من يخسر مقعده الفردى فى دائرة واحدة يقول إن الانتخابات مزورة، فلنا أن نتوقع التأثير السلبى العميق لخسارة قائمة تضم 45 مرشحا وينتخبها ملايين أو مئات الآلاف من الأشخاص، على استمرار المشاركة فى العملية السياسية والمشاركة فيها.
والمؤكد أن وجود 20 أو 25 قائمة يعنى عمليا وجود 20 أو 25 فرصة للمنافسة، وخسارة قائمة فى محافظة يمكن تعويضها فى محافظة أخرى، مما يخفف من حالة الاحتقان والمعادلة الصفرية التى تخلقها خسارة قوائم تضم 45 مرشحا، ويعطى فرصا حقيقية للمنافسة والتمثيل العادل.
السجال الذى جرى بين قائمتى التحالف الجمهورى وفى حب مصر ما هو إلا بداية لتعميق الانقسام بين تيارات ورموز تنتمى لتوجه واحد، وهو أمر قد يرجع لأسباب متعددة، ولكن يقيناً من أهمها قانون الانتخابات والقوائم الممتدة على مساحات دول، والتى جعلت الخسارة صفرية لا تُعوّض.