عمرو الشوبكي
شاركت الأسبوع الماضى فى المؤتمر السنوى الذى ينظمه معهد الدراسات الأوروبية المتوسطية (IPEMED) فى العاصمة الفرنسية باريس، وهو مهتم بتحليل الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى جنوب المتوسط ودعم العلاقة بين فرنسا والعالم العربى، وهذه هى رابع مشاركة لى فى هذا المؤتمر.
والحقيقة أن اللقاء السنوى عبارة عن اجتماع أو ورشة عمل تبدأ فى الثانية ظهراً حتى السادسة مساء، ثم يعقبه عشاء مفتوح لعدد من رجال الأعمال وممثلى كبار الشركات العربية والأفريقية والأوروبية بجانب مجموعة من الخبراء والمسؤولين والوزراء والسفراء، ويحضره ما يقرب من 200 شخصية، وعُقد هذا العام فى مقر وزارة الخارجية الفرنسية، ويُسمح فيه لعدد من الحاضرين بإلقاء كلمات قصيرة، وفى اليوم التالى يكون هناك اجتماع ثانٍ مغلق للباحثين المشاركين فى المؤتمر، يُعقد فى الصباح وينتهى عند الظهر. وربما ما يميز هذا المركز هو أنه مركز خاص تنفق على أنشطته كبريات الشركات الأوروبية التى لها استثمارات فى العالم العربى، ومنذ العام الماضى ظهر رجال أعمال أفارقة وعرب دعموا المعهد مالياً وحضروا عشاءه السنوى.
وقد شارك فى هذا اللقاء مجموعة من الخبراء والسياسيين، منهم إليزابيت جيجور، وزيرة العدل السابقة، رئيسة لجنة العلاقات الخارجية فى البرلمان الفرنسى عن الحزب الاشتراكى (ومرشحة لوزارة الخارجية الفرنسية)، وميكائيل مارتينيوس، وزير خارجية إسبانيا السابق، مندوب الاتحاد الأوروبى للقضية الفلسطينية، ووزير المالية المغربى الأسبق فتح الله أولاى، وغيرهم من الخبراء والمسؤولين السابقين من ألمانيا وتونس وبريطانيا.
الوجود فى باريس لبضعة أيام يعنى أيضاً مقابلة أصدقاء قدامى، ويعنى أيضاً مشاهدة مسرحية أو فيلم سينمائى ولو لمرتين كل عام، وهذه المرة شاهدت فيلماً لمخرجة فرنسية شابة من أصل مصرى هى آنا روسيون، وهى ابنه أحد كبار الباحثين الفرنسيين الراحلين (آلان روسيون)، الذى ينحدر من أسرة مصرية مسيحية (الأم) وأب فرنسى، وتوفى منذ أكثر من 6 سنوات فى مصر بعد أزمة صحية مفاجئة.
الفيلم، الذى يحمل عنوان «أنا الشعب Je suis le peuple» عبارة عن توثيق لثورة يناير من خلال معايشة أسرة مصرية حقيقية من الأقصر، وهو فيلم عبَّر بدقة عما يقوله المصرى أو الشعب العادى عن الثورة: ماذا فعلت به، وهل حلت مشاكله اليومية، وهل هناك شىء تغير؟ وهو فيلم بسيط وطبيعى لا يحمل التصورات المعلبة التى يفرضها أحياناً بعض السينمائيين على الواقع، فيحبون الشعب إذا كان ثورياً ويكرهونه إذا عاد طبيعياً يبحث عن لقمة عيشه ويكره التظاهر والاحتجاج.
وقد تشككت للحظات فى نوايا المخرجة حين أفسحت المجال واسعاً لكلام رب الأسرة والشخصية المحورية فى الفيلم (عم فرج) الذى انتخب محمد مرسى دون أن ينتمى للإخوان، وقدم فى البداية مبررات لاختياره، ثم عاد وانقلب عليه بعد أن رفض حكمه أغلب المصريين، واستفاض الفيلم فى عرض صور لثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو غير معتاد رؤيتها فى أوروبا.
«أنا الشعب» فيلم إنسانى وطبيعى ورائع، صور مع أسرة ريفية من صعيد مصر، وعرض الحياة فى الصعيد كما هى دون رتوش، ونجحت مخرجته الشابة فى إخراج أفضل ما فى هذه الأسرة وهو التلقائية ورد الفعل الطبيعى.
أما المؤتمر السنوى وما دار فيه فيبقى هو حديث الغد