عودة مرسي

عودة مرسي

عودة مرسي

 العرب اليوم -

عودة مرسي

عمرو الشوبكي

مدهش أن هناك مَن مازال يتحدث عن قرب عودة الرئيس الأسبق محمد مرسى إلى الحكم نتيجة ضغوط الإخوان و«نجاحاتهم»، وصادم أيضا أن يجدها البعض فرصة للحديث عن مؤامرة كونية أمريكية إخوانية تعتبر أن عودة مرسى باتت قريبة، وأنها بدأت فى الاتصال ببعض الشخصيات المدنية لتسهيل هذه المهمة.

وجاءت محاضرة الجامعى الأمريكى نعوم تشومسكى حول قرب عودة مرسى للسلطة- (تمت ترجمتها بشكل مخل للعربية)- فى جامعة كاليفورنيا الأمريكية، لتثير مزيداً من اللغط حول موضوع يبدو وكأنه أقرب لعالم الخيال، خاصة بعد أحكام الإعدام التى طالت مرسى وعدداً كبيراً من أعضاء الجماعة.

والحقيقة أن أسوأ ما فى النقاش حول قضية «عودة الإخوان» أنه يدار فى إطار الحديث عن معلومات أمنية، ومؤامرات خارجية، وكأن الشعب المصرى عاد كما كان، ولم يعد طرفا فى أى معادلة مثلما يتصور بعض مَن فى السلطة والمعارضة.

والسؤال الذى يجب أن يُطرح بداية: هل يمكن القضاء على جماعة أو تنظيم أو فكر- (حتى لو أنه إرهابى)- بالإجراءات الأمنية والاعتقالات وأحكام الإعدام؟ الإجابة اليقينية: لا، فقد تعرض الإخوان وغيرهم فى داخل مصر وخارجها لملاحقات وإعدامات كثيرة، ومع ذلك ظل التنظيم موجودا، صحيح أن المواجهة الحالية تختلف عن سابقاتها، لأنها نتاج فشل فى الحكم، فى حين أن المواجهات السابقة كانت بين فصيل معارض للسلطة ارتدى ثوب الضحية وتحدث فى مرحلته الأخيرة عن الديمقراطية ودولة القانون، فى حين أن صدامه الحالى جاء بعد أن وصل للسلطة وفشل ورفض حكمه أغلب المصريين، وتغيرت الصورة الذهنية التى حملها قطاع ليس بالقليل من الناس عن جماعة الإخوان من جماعة مظلومة وضحية طوال الوقت إلى جماعة جانية تمارس العنف أو تحرض عليه.

التحول فى تقديرات أغلبية الناس تجاه الإخوان لم يلغ وجود تيار أقلية مؤيد للجماعة، وأن هذا التيار لن يستطيع أن يعيد مرسى أو الجماعة للسلطة، لأنه اختار أن يبقى كأقلية كارهة لأغلبية الشعب المصرى، لأنه رفض نظامها.

والسؤال المطروح: هل يمكن أن يتحول رأى أغلبية الشعب المصرى الرافض لجماعة الإخوان إلى مؤيد أو متعاطف معهم؟ وهنا يصبح الحديث عن عودة مرسى أو الجماعة ليس وفق نظرية المؤامرة التى تُرَتب خارج الحدود، (باعتبار أنه لم يعد هناك شعب ولا رأى عام، إنما متآمرون وأجهزة سيادية يشطبون دور باقى خلق الله)، إنما سيحكمها أداء النظام السياسى وتحولات يمكن أن تحدث فى الرأى العام تجاه الخصوم، وأحيانا الأعداء.

قضية تحول موقف المجتمع المصرى تجاه الإخوان واردة، ولكنها لن تصل فى الوقت الحالى إلى إعادتهم مرة أخرى للسلطة، وذلك لسببين رئيسيين: الأول هو رفض قطاع من المصريين للإخوان، وكراهية قطاع آخر لهم، وهذا القطاع يعتبر- كما سبق أن عَبَّر- الجماعة قوة احتلال أو جماعة غازية، وهو على استعداد أن يقبل بكل الخيارات السيئة إلا الخيار الأسوأ فى عودة الجماعة، وهنا يلتقى هذا التيار الشعبى مع قطاع غالب داخل الدولة يرى الجماعة شرا مطلقا لا بديل إلا باستئصاله نهائياً.

ونصبح أمام نفس المعضلة، لا يوجد فى التاريخ المصرى والإنسانى حل استئصالى أمنى لتيار دينى أو فكرى أو سياسى، إنما يحتاج الأمر إلى مشروع فكرى وسياسى قادر على الاشتباك مع مشروع الإخوان كما جرى فى عصرى الوفد وعبدالناصر.

هذا المشروع يعنى ببساطة تقنين ما توافق عليه الشعب المصرى من قواعد ملزمة لأى تيار: الدولة الوطنية، النظام الجمهورى، الدستور المدنى، والتى تعنى بشكل تلقائى إخراج الجماعة بصيغتها الحالية من أى معادلة سياسية، ولكنه يفتح الباب لتأسيس جديد يُحدِث قطيعة مع تجربة الفشل الممتدة منذ أكثر من 85 عاما من عمر الجماعة، ويجعل هناك فرصة جديدة لبناء مشروع سياسى جديد يعبر عن قوى اجتماعية محافظة ودينية داخل المجتمع المصرى.

البعض من جهله يتصور أن حل مشكلة الجماعة سيكون بإعدام كل أعضائها، والحقيقة التى كررناها مرارا وتكرارا أن هناك قوى اجتماعية محافظة وتقليدية فى كل المجتمعات الإنسانية، وفى مجتمعاتنا العربية القوى الإسلامية تعبر عن جانب من هذه القوى الاجتماعية، التى اختار قطاع واسع منها الإسلاميين لكى يعبروا عنهم، وبالتالى إذا أعدمت كل قيادات الإخوان، فإنك لن تستطيع أن تعدم الظهير المجتمعى أو الكامن المجتمعى الذى مازال يرى أن القوى الإسلامية هى التى تعبر عنه.

والحل يكون فى الإجابة عن السؤال الكبير: أين ستترجم توجهات القطاع المحافظ دينياً من المجتمع المصرى ويرغب أن يكون له تعبير سياسى وليس فقط دينيا؟

كل التجارب الإنسانية تقول إن هناك نظما كثيرة حاولت أن تهندس مجتمعاتها وتلغى وجود هذه القوى، باعتبارها ضد الدستور والمواطنة، وأحيانا جماعات إرهابية وغيرها، بالمقابل فإن تجارب النجاح حولنا فى تركيا (فى أول 8 سنوات من حكم أردوجان)، والمغرب وتونس وماليزيا تقول إن قدرة المجتمع والدولة على فرض القواعد المنظمة للعملية السياسية على الجميع هى وحدها القادرة على العبور من تجربة فشل إلى نجاح.

إن ظهور تيار سياسى محافظ دينياً يختلف مع حزب النور سنراه غداً أو بعد غد، فهل ستكون لديك قواعد دستورية وقانونية ودولة قانون ومؤسسات تفرض على هذا التيار احترامها أم ستترك الجوهر وتستمر فى صراخك الإعلامى وشتائمك وحلولك الأمنية الفجة لتفتح الطريق لظهور ما هو أسوأ من مرسى وجماعته، فى حين أن الضمانات الحقيقية لحراسة الدولة المدنية لم تقم بأى منها؟

arabstoday

GMT 02:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 02:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 02:10 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 02:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 02:01 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شبحا كافكا وأورويل في بريطانيا

GMT 01:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 01:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة مرسي عودة مرسي



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 02:44 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 العرب اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab