لست محسوبًا على أحد

لست محسوبًا على أحد

لست محسوبًا على أحد

 العرب اليوم -

لست محسوبًا على أحد

عمرو الشوبكي

ما قاله الرئيس السيسى أمس لعدد من الصحفيين المصريين بأنه: «ليس محسوباً على أحد، ولا أحد محسوب علىَّ»، وأنه «مستعد لدعم كافة الأحزاب» يمكن تفسيره بأكثر من معنى، بعضها سيكون مقلقاً، ويمثل جزءاً من الأزمة السياسية التى تعيشها مصر ويمكن أن تتفاقم بصورة أسرع مما يتصور الكثيرون.

الفكرة الرئيسية الحاكمة وراء هذه الجملة أن للرئيس شعبية كبيرة، وأن أى حزب أو تيار أو تكتل سيؤيده سيخصم من رصيده نظراً لضعف وزن هذه الأحزاب، وأن كثيراً منها غير موجود كلياً أو جزئياً على الأرض، وبعضها يمثل عبئاً على أى نظام وأى رئيس.

والحقيقة أن الحديث الدائم عن أن الرئيس غير محسوب على أحد لن يغير فى الواقع العملى كثيراً، فهو بالفعل محسوب على آحاد كثر، أى تيار 30 يونيو، وبالتالى هو غير محسوب على من اعتبروها انقلاباً، ويرونه انتزع السلطة بالقوة من رئيس شرعى منتخب، فالرئيس محسوب على كل من تصور معهم حين ألقى بيانه الشهير فى 4 يوليو، وظهر معه الشيخ الطيب والأنبا تواضروس وقادة تمرد ود. محمد البرادعى والسيدة سكينة فؤاد، تماماً مثل هؤلاء من قادة الأحزاب والتيارات التى شاركت فى 30 يونيو، واتهمها الطرف غير المحسوب على الرئيس بـ«لاعقى البيادة» والانقلابيين، وحتى حين اختلف البرادعى مع المسار الحالى وقدم استقالته التى خذلت الكثيرين ظل الإخوان يتظاهرون ضده ويتهمونه بأنه دعم الانقلاب، ومسؤول عن دماء رابعة، وحسبوه- ربما رغماً عنه- على الجيش والنظام الجديد تماماً مثلما يكونون قد حسبوا الرئيس عليه.

مؤكد أن الرئيس محسوب على أطراف سياسية بعينها حتى لو كانت شرعيته من الشعب المصرى، فبدهى أن شرعية أى حاكم تأتى من الشعب، ولكن فى النظم الديمقراطية فإن شرعية الحاكم غير مؤيديه أو المحسوبين عليه، فالشرعية القانونية ترجع إلى أنه حاز ثقة أغلب الشعب فى انتخابات حرة، أما تصوراته السياسية وطريقة إدارته للبلد فتستلزم أن يكون بحكم الواقع محسوباً على طرف أو تكتل أو طريقة أو نمط فى الممارسة سيتفق معها البعض وسيعارضها البعض الآخر. صحيح أن هناك تفسيراً آخر يقول إن الرئيس لا يرغب أن يكون محسوباً على أحد، لأن كل هؤلاء «الآحاد» منفصلون عن الواقع وليس لديهم ثقل شعبى، وأن «مفرمة» الحرق المستمر لرموز التيار المدنى تجعل الرئيس ينتظر لحين انتهاء الانتخابات حتى يقرر من سيُحسب عليه سياسياً حتى لو كانت شرعيته (وهو بدهى) مستمدة من الشعب، وبالتالى فإن موقفه مرتبط بالصورة السلبية الموجودة حالياً لدى قطاع واسع من المصريين عن الأحزاب والرموز السياسية، وليس موقفاً دائماً، وسيعنى أن بناء ظهير سياسى وحزبى سيكون وارداً فى المستقبل المنظور.

والحقيقة سواء عبرت هذه الجملة: «غير محسوب على أحد» عن ظرف مؤقت أو موقف ثابت، فإن التحدى الحقيقى فى كيفية أن تمهد السلطة الجديدة بكل أركانها الطريق أمام بناء حياة سياسية سليمة وتتجاوز حالة الحياد السلبى التى عرفتها، وعمَّقت من مشكلات المجتمع إلى حالة الحياد الإيجابى التى لا تعنى أن يحسب الحكم على أحد، إنما أن يحسب على مسار تحسين الواقع السياسى وتغييره. المطلوب أن يكون هناك موقف داعم للبيئة السياسية التى تشجع على العمل السياسى، وأن تكون هناك قناعة بأن الأحزاب رغم أزماتها وضعفها هى طريق مصر إلى بناء الديمقراطية والتقدم، وأن المطلوب ليس أن يحسب الرئيس نفسه على حزب أو تيار إنما أن يراجع مثلاً قانون الانتخابات الذى قد يفرز برلماناً سيئاً منفصلاً عن المجتمع، ويجعل السياسة والمعارضة خارج البرلمان والقنوات الشرعية، تماماً مثلما جرى فى الإعلام، فالرئيس من أكثر من تحدثوا عن ضرورة أن تكون هناك قيم أخلاقية حاكمة لعمل الإعلام، وفى الواقع حدثت خطايا وانتهاكات لم تعرفها مصر فى تاريخها الإعلامى كله، نتيجة عدم وضع قواعد قانونية تنظم عمل الإعلام، لا أن يترك فيها الأمر لذوى الحظوة والنفوذ يقطعون الإرسال عن الإعلاميين.

وفى حالة شهيرة لم تقم الدولة بأبسط واجباتها بأن تقول هل سابقة إذاعة تسجيلات على الهواء اعتداء على حرمة الحياة الخاصة وانتهاك للدستور والقانون أم لا؟ وإذا كانت الإجابة بـ«نعم» فإننا كنا نتصور أن يكون دور الدولة والرئيس محسوباً فقط على تطبيق القانون، لا أن ينحاز لرأى هذا الإعلامى أو الكاتب السياسى، فهنا حياده أمر مثمن ومحمود.

هذا هو الفارق بين «الحياد الإيجابى» و«الحياد السلبى»، فالأول هو المطلوب، والثانى يعنى الحياد فى قضايا أساسية لا يُقبل فيها الحياد، فلابد من العمل على فتح الطريق أمام حياة سياسية جديدة ومستقرة مطلوب فيها انحياز الرئيس لطريق واضح لبناء منظومة قيم ومبادئ قانونية جديدة وليس انحيازاً لـ(س) أو (ص)، وأيضاً مواجهة حالة التجريف وغياب السياسة وعدم مواجهة مشكلات مصر فقط بالحلول الأمنية التى ستعنى مزيداً من الأزمات وليس الحلول.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لست محسوبًا على أحد لست محسوبًا على أحد



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab